قلم : د. غسان مصطفى الشامي
يواصل الاحتلال الصهيوني جرائمه بحق أرضنا وشعبنا ومقدساتنا، حيث تتواصل جرائم التهويد والتشريد بحق أبناء شعبنا وأهلنا في القدس والمسجد الأقصى المبارك، فيما تستمر مشاريع التهويد والاستيطان في بناء الكتل والثكنات العسكرية الاستعمارية في القدس والضفة المحتلة؛ ومع قدوم الحكومة الصهيونية الجديدة برئاسة ( نتنياهو) ستزداد حتما الجرائم الاسرائيلية بحق شعبنا وأرضنا وفي ظل الواقع الفلسطيني السياسي المعقد خاصة بعد مؤتمر المصالحة بالجزائر الذي خيب آمال الكثير من الفلسطينيين في الوحدة وإنهاء ملف الانقسام البغيض.
إن فلسطين مازلت دولة محتلة تقع تحت سياط وجرائم الاحتلال الصهيوني منذ 74 عاما، بل وتزاد جرائم الاحتلال بحق أرضنا الفلسطينية وبحق شعبنا الفلسطيني الصامد؛ وهناك في سجون الاحتلال أكثر من 5000 أسيرا وعشرات الأسيرات، وقدمت فلسطين ألاف ألاف الشهداء والجرحى والتضحيات الجسام، وهذه الأيام نتقدم كفلسطينيين بخطوات في الأمم المتحدة، ونحصل على قرارات أممية ذات أهمية على المستوى الأممي في مواجهة جرائم الاحتلال وفضحها أمام المجتمع الدولي والأممي ضمن كفاحنا ونضالنا السياسي والشعبي والدبلوماسي المستمر ضد الاحتلال الصهيوني، حتى نتنصر عليه ويرحل عن أرضنا الفلسطينية المباركة.
إن القرارات الأممية الأخيرة التي حصلت عليها فلسطين تمثل أهمية كبيرة على صعيد النضال الأممي والدبلوماسي في المحافل الدولية، ومهمة في ملاحقة الكيان الصهيوني وإحراجه أمميا؛ حيث حققت فلسطين قبل يومين إنجازات أممية مهمة، أبرزها موافقة الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة، مساء الجمعة، على طلب السلطة الفلسطينية بالتوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، وإلزامها بإصدار فتوى قانونية بخصوص الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية، واعتباره ضمًا فعليًا؛ كما صوتت قبل أيام اللجنة الثانية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، على قرار السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل، على موارده الطبيعية؛ حيث صوتت (151) دولة لصالح القرار، وضد ( 7 ) دول:(كندا، اسرائيل، جزر مارشال، ميكرونيزيا، ناورو، بالاو، الولايات المتحدة الامريكية ) وامتناع (10 ) دول(استراليا، بوروندي، كاميرون، ساحل العاج، غواتيمالا، كيريباتي، رواندا، جنوب السودان، توغو، تنزانيا).
- هذه القرارات الأممية لها أهمية كبيرة على الساحة الدولية في محاكمة الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية؛ وقد توصي المحكمة الدولية بإجراءات دولية وفرض عقوبات ومقاطعات على الكيان؛ بل وهذا القرارات تؤثر على صورة الاحتلال أمام المجتمع الدولي، وفي قاعات وأروقة الأمم المتحدة، وتجعل من الوفد الصهيوني، وفدا منبوذا ومقاطعا أمام الوفود الأممية والمشاركين في جلسات الأمم المتحدة ومجالسها وهيئتها الأممية المختلفة؛ وقد عبر المسؤولين الصهاينة عن القلق الكبير تجاه تحركات الفلسطينيين في الأمم المتحدة، يتمثل في امكانية منح شرعية لحركة BDS (الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها)، حيث هاجم السفير الصهيوني لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان هذه القرارات الاممية، معتبرها المسمار الأخير في نعش أي فرصة للسلام والتقدم في المستقبل”، كما أظهر الكثير من الصحفيين الصهاينة امتعاضهم الشديد واستيائهم لهذه القرارات التي تخدم الفلسطينيين.
إن مثل هذه القرارات الأممية الهامة، والانتصار الفلسطيني على الساحات الأممية والدولية ، يجب أن يبنى عليها وتستثمر من قبل الفلسطينيين أنفسهم، وخاصة السفارات الفلسطينية بالخارج ومكاتب منظمة التحرير، ويجب أن تستثمر داخليا نحو الوحدة والتكاتف وإنهاء الواقع السياسي الأليم وواقع التفرد بالكثير من القرارات الفلسطينية، والانطلاق بأسس جديدة لبناء المشروع الوطني الفلسطيني التحرري ، واستثمار فرصة مؤتمر الجزائر والبناء عليها من جديد، نحو الانطلاق ببرنامج فلسطيني مقاوم، وأهداف فلسطينية واضحة تؤسس لمرحلة جديدة تسير قدما نحو التحرر من الاحتلال الصهيوني وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، والوقوف في وجه جرائم الاحتلال الصهيوني بحق أرضنا وشعبنا ومقدساتنا.