قناة الجزيرة لم تكن يوما إلا منحازة لاولويات وجودها وبالتالي لم يكن غريبا سلوكها منذ تأسيسها وانخراطها في مجمل القضايا على الساحة العربية مصطفة لطرف ترى فيه رؤيتها حتى لو كان هذا الموقف متناقضا ، ففي هذه الساحة تكون مع طرف سياسي او مذهبي وفي الساحة الأخرى تُناقض نفسها وحلفاء من وقفت معهم بأسلوب ما عاد ينطلي على احد .
وهذا الحال لم يكن مختلفا على صعيد الساحة الفلسطينية ففي بداية سنوات وجودها والتي جاءت في العام 1996 والتي لم تقف فيه مع هبة النفق ومن ثم كانت بداية انتفاضة الاقصى الذي ظهرت فيه بموقف محايد بين الطرف الفلسطيني والاحتلال وصولا إلى حرب غزة المدمرة التي حملت فيه راية المقاومة واستجلبت المحللين الذين حاولوا اقناع المواطن الغزي ان ما يدفعه من دم هو في سبيل النصر التام .
وعود على ذي بدء ، وفي انحيازها التام لهوية خط تحريرها السياسي فقد مجدت من تراه قريبا ولامت على من هم ليسوا جزءا من نهجها ولنا في جنوب لبنان مثال فحتى من ارتقى هناك لم تنعهم كشهداء على خلفية انخراطها في الساحة السورية.
واليوم تحول انحيازها إلى عداء علها تحول الانظار عن ما يجري في غزة إلى تصوير الأمر على أنه صراع سلطوي بين نهج خياني ونهج مقاوم بل انخرطت كمدافع ليس حبا في علي بل نكاية في معاوية ومحاولة تصغير المشهد وكأنه معركة بين من يحمي ومن ينسق مع تغييب كامل لمشاهد قمع وقتل المواطنين في غزة دونما محاكمة او بث لعشرات الفيديوهات التي تخرج من غزة توثق هذه الممارسات.
اليوم تعجلت الجزيرة في كشف وجهها القبيح واستخدمت كافة الوسائل في محاولة الاستقطاب والعداء في غياب لقواعد العمل المهني الصحفي وآخرها استحضار ام الشهيدة الثكلى في مواجهة مع الناطق باسم قوى الأمن الفلسطيني في مشهد لا تجرؤ الجزيرة على فعله مع غيره من الناطقين سواء في جيش الاحتلال او في الجيش الامريكي القريب من مقرها او اي دولة مرورا بتقاريرها التي توزع فيها التهم وصناعة مشاهد مبتذلة لمأجورين على منصتها وكانها من واقعنا .
لقد خاض شعبنا اصعب مراحله معتمدا على وحدته الوطنية ومعتمدا على ذاته دونما انتظار من احد ان يُحدد له خط مسيره ، و ما محاولات الجزيرة إظهار نفسها انها قناة التحرير وان الخروج عن خطها خيانة وطنية وان غيابها يعني تغييبا للصوت الفلسطيني المغيب اساسا عن قناتها ليس الا محاولة للبس ثوب ليس ثوبها .
على ذاكرتنا ان لا تكون قصيرة الأمد وعلينا أن نكون شموليين في التقييم وعلينا أن لا نرى بعين واحدة حتى لا نصبح أسرى لاعور دجال يُسوق نفسه وطنيا في وقت لا يستطيع أن يكون في مكان إقامته وطنيا !!!