الشريط الاخباري

صانع الخبز الجميل وصاحب الوجه الضحوك ...عمر مناع شهيدا

نشر بتاريخ: 07-12-2022 | سياسة , PNN مختارات , قناديل من بلدي
News Main Image

بيت لحم /PNN/ نجيب فراج – ارتقى الشاب الخلوق عمر يوسف مناع"23 سنة" شهيدا برصاص الاحتلال الاسرائيلي فجر الخامس من الشهر الجاري حينما اقدمت قوة عسكرية اسرائيلية كبيرة لاقتحام مخيم الدهيشة للاجئين في ساعات الفجر الاولى وداهمت عددا من منازل المواطنين فكان منزل عائلته احد هذه المنازل من اجل اعتقال شقيقه يزن الذي يكبره بعام واحد وعندما دخل الجنود الى البيت وقاموا كعادتهم بالاعتداء على سكانه بشكل فظ وبحثوا عن يزن بهدف اعتقاله واخضعوه بحسب ما يقوله  والده يوسف لتحقيق ميداني قبل ان يصحبوه معهم وحينها استشاط عمر غضبا وصرخ في وجه الجنود طالبا منهم بعدم اعتقاله ولكن الرد من قبل عؤلاء الجنود كان اعنف وطلبوا الهدوء من سكان المنزل ومن ثم خرجوا ومعهم يزن ذلك الشاب الذي سبق وان اعتقل لمدة عامين على الاقل.
 

حكاية الاستشهاد

وعلى ما يبدو فان عمر لم يتحمل اعتقال شقيقه فخرج بعد دقائق من المنزل وراء الجنود الذين ذهبوا الى منزل شهاب مزهر احد الاسرى المحررين الذي يستهدف دائما بالاعتقال ويقع هذا المنزل بجوار مدرسة الدهيشة الاساسية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين نظرا لكثافة المواجهات التي شنها الشبان بالحجارة قرر الجنود قص سياج المدرسة والدخول اليها ومعهم شهاب لينفذوا من ساحتها الى الشارع الرئيس القدس / الخليل المحاذي للمخيم حيث الاتهم الجرارة كانت بانتظارهم ، 

ومن اجل تأمين خروج الجنود كان عدد منهم قد استحكم في غرفة مخصصة لحراس المدرسة وهي تطل على الشارع وكان الشبان يلقون الحجارة باتجاه دوريات الجنود وخلفهم غرفة الحراسة حيث الجنود المستحكمين هناك باغتوهم واطلقوا النار بشكل جنوني عليهم ما ادى الى اصابة الشهيد عمر باربع رصاصات في المنطقة العليا من الجسد وعندما حاول الشبان المتواجدين مع الشهيد سحبه وبعاده من المكان تمهيدا لنقله الى المستشفى  اصبح الرصاص عليهم ينهمر كالمطر ومع ذلك لم يمنعهم من استمرار محاولة سحب عمر في اصرار على التضحية والاستبسال فقام الجنود باصابة خمسة شبان اخرين بالرصاص بينهم الشاب محمد شمروخ الذي اصيب برصاصتين في منطقة الحوض ما ادى الى انقطاع شريان رئيسي حسب مصدر طبي في جمعية بيت لحم العربية جرى دعمها بنحو 16 وحدة دم حتى تمكن الاطباء من السيطرة على النزيف الذي وصف بالمرعب، وحالته لا زالت خطيرة وهو تحت العناية الحثيثة، فيما وصفت جراح الشبان الاخرين ما بين متوسطة وخطيرة.

حديث الشارع

حالة استشهاد عمر واصابة اقرانه الخمسة كانت حديث الشارع في مخيم الدهيشة وبيت لحم نظرا لدموية سلوك الجنود وهو سلوك فاشي اعتاده الشعب الفلسطيني في حالات الاعدام الميدانية العديدة والتي معظمها لك يكن تحت مجهر التصوير كما حصل في حالة الشهيد عمار مفلح في حوارة قبل عدة ايام.
مكان الاستشهاد حوله الشبان الى مزار حيث حوط ببعض الطوب وزرع مكانه زهورا واصبح الجميع يذهب اليه ويستمع الى قصة القتل الشنيعة.

وكل ذلك يضاف الى السيرة الحسنة التي يتمتع بها الشهيد عمر والذي يعرفه جمهور كبير من المخيم وخارجه فهو يعمل في مخبز عمه ويصنع الخبز وقد انتشر شريط فيديو بعد استشهاده وهو يقوم بتحضير العجينة بشكل احترافي اضافة الى امتيازه بضحكة وابتسامة تمتع بها لينشرها في وجه كل من قابله سواء في الشارع او في المخيز حينما يتأنون لشراء الخبز فكتب وقيل عنه وعن صفاته الكثير بهذا الاتجاه فكتبت فيرا بابون رئيسة بلدية بيت لحم السابقة والتي جرى تعيينها مؤخرا سفيرة فلسطين في التشيلي تقول " وغادرنا صانع الخبر الجميل  #عمر_مناع  لى سماءه شهيداً.
غادر المخيم والمدينة والوطن ليحضنه تراب أرضنا  .

جذور العائلة 

 ينتمي الشهيد عمر الى عائلة مناضلة ابا عن جد حيث كان والده يوسف البالغ من العمر 55 عاما قد اصيب برصاص الاحتلال في ابان الانتفاضة الاولى ومن ثم اعتقل لعدة سنوات في سجون الاحتلال ويصفه كل من عرفه بانه صلب وباخلاق عاليه وقبل ذلك والده حسن جبريل مناع كان قد اعتقل لاكثر من اربع سنوات في سجن الجفر الاردني ومثلها في سجون الاحتلال وهو صاحب مواقف وطنية حادة في وجه كل محاولات التشكيك في مواجهة الاحتلال ومدى جدواه وهو من الوجوه الوطنية المعروفة في كل المجالات بما في ذلك مجالات اصلاح ذات البين وعندما توفي قبل اكثر من نحو عشرين سنة نعته القوى والفعاليات والمؤسسات مشيدة بمناقبه ومواقفه الوطنية بامتياز.

كما اعتقل اشقاء يوسف في سجون الاحتلال اضافة الى اعتقال يزن لاكثر من مرة، اما عمر الشهيد فقد اطلق سراحه قبل عدة اشهر بعد اعتقال استمر سنة ونصف السنة جعله هذا الاعتقال الابتعاد دامعته ولو مؤقتا حيث فضل ان يعمل في المخبز ليستجمع قسط الجامعة ويعود اليها الا ان رصاصات الاحتلال الغاشمة سارعته قبل ان ينجز مهمته.

خلال جنازة عمر اصرت الوالدة الصبورة ام يزن ان تحمل في نعشه وكانت تقول كلمات مؤثرة "الى اللقاء يا صديقي وجبيبي عمر .. طلبت الشهادة فنلتها، كنت بطلا وانسانا وحنونا كيف لنا ان نتحمل غيابك ولمساتك في داخل المنزل ولكن روحك سابقى ترفرف فوق روؤسنا عاليا".
 

في صباح هذا اليوم تلقى يوسف اتصالا هاتفيا من ولده يزن في سجن عوفر حيث لم يكن ليعلم عن حادثة الاستشهاد فقام يوسف بالشد من ازره ..انها لحظات مؤثرة لا يمكن وصفها بحسب عدد من اصدقاء الاب المكلوم".

 

شارك هذا الخبر!