قبل أكثر من قرن، اضاءات قناديلنا القدس
في الذكرى الـ109 لميلاد الشركة في القدس
يكتب المهندس هشام العُمري
رئيس مجلس إدارة شركة كهرباء محافظة القدس ومديرها العام
في السابع من كانون الثاني/يناير في العام 1914 أضاءت قناديلنا مدينة القدس، لتكن شاهدةً حاضرةً على الوجود الفلسطيني، فمنذ الدولة العثمانية، مروراً في الانتداب البريطاني، ثم العهد الأردني، إلى الاحتلال الإسرائيلي، ثم حكم السلطة الوطنية الفلسطينية، الشركة التي عاصرت كل هذا، وهي في كل عهد وحقبة، تؤكد على فلسطينيتها، وتحافظ على وجودها، رغم كافة المعيقات والتحديات، وهو ما سعينا من باب الأمانة التاريخية والوطنية إلى توثيقه في "متحف الشركة" بشعفاط، والذي أدعوكم جميعًا إلى زيارته والاطلاع على مقتنيات الشركة منذ أكثر من 100 عام.
وكما من المهم أن نذكر تاريخ الشركة العريق، من المهم أيضًا أن نستذكر كل من ناضل من أجل عروبة الشركة وفلسطينيتها، والتي بدأت مع أمين القدس وحارس وجدانها المرحوم روحي الخطيب، الذي أُبعد عن مدينته ووطنه إلى الأردن، بسبب مواقفه الرافضة ونضاله ضد دمج شركة كهرباء محافظة القدس مع شركة كهرباء إسرائيل، ومساهماته العظيمة في تأسيس وتعريب الشركة المقدسية.
المعركة الوجودية لم تنتهي هنا، بل يجب أن نستذكر المناضل أنور نسيبة الذي دافع بكل حكمة وقوة للحفاظ على استقلالية قرار الشركة، ولحمايتها من التبعية، وهو الذي تصدي لمحاولات الاحتلال الإسرائيلي في العام 1981 للاستيلاء على الشركة المقدسية، ونجح في الحفاظ عليها في معركة قانونية ووجودية دامت لسنوات، كيف لا؟ وهو ينتمي لعائلة "نسيبة" العريقة، والمنحدرة من نسل الصحابية نسيبة بنت كعب التي دافعت عن النبي محمد ﷺ في غزوة أحد عام 625م في السنة الثالثة للهجرة.
وفي الحاضر، وتزامنًا مع الذكرى الـ109 على تأسيسها، تندلع الحرب الروسية-الأوكرانية والتي ألقت بظلالها على قطاع الطاقة محلياً وإقليمياً، بل وعالميًا، ورغم تراجع هذا القطاع في كل دول العالم، وشح الموارد، والارتفاع الملحوظ في أسعار الكهرباء، والانقطاعات المستمرة التي باتت تهدد دول في أوروبا وغيرها، إلا أنَّ الشركة المقدسيّة حافظ على استقرار ثابت للتيار الكهربائي، واستطاعت بفضل مجلس إدارتها وموظفيها كافة، في تحقيق الأمن الكهربائي.
لكن، ومع هذه النجاحات رغم التحديات الدولية، هناك تحديات محلية، أقصد هنا السرقات والتعديات وتراكم الديون على البعض، مستغلاً هذا المقال للتحذير مرةً أخرى وأتمنى أن تكون الأخيرة، من استمرار السرقات والتعديات وتراكم الديون على البعض، وهو ما يهدد باستمرار الانقطاعات الإسرائيلية من جهة خلال الشتاء الحالي، وتهديد الأمن القومي من جهةٍ أخرى، خاصة أن "كهرباء القدس" تقدم خدماتها لأكثر من مليون وربع المليون نسمة.
تاريخيًا، لم يكن القطع الإسرائيلي بريئًا في التوقيت، وكان دائمًا ما يتزامن مع ذروة فصلي الشتاء والصيف والمنعطفات السياسية الحساسة، حيث أنني اعتقد، أن الجانب الإسرائيلي بات يستخدم الانقطاعات كورقة ضغط على القيادة السياسية، والتي نقدر جهودها في الحفاظ على الوجود الفلسطيني في القدس، فلا شيء يهدد من الوجود الفلسطيني في القدس مثل السرقات والتعديات وتراكم الديون على البعض.
وهنا، دعوني أن أوجه نداء عاجلاً لسارقي التيار الكهربائي، بالتوقف فورًا عن السرقات، حمايةً للنظام الكهربائي وحفاظاً على الأرواح والممتلكات العامة، كما اسمحوا لي أن أوجه تحذيراً شديد اللهجة، أن عدم الاستجابة للنداءات الشركة، فإن الخطوط الأكثر مديونية ستتعرض لاستمرار الانقطاعات في ذروة هذا الشتاء، هذا ليس عقابًا جماعياً، بل هو طريق اجباري في محاولة لحماية المشتركين الملتزمين من انانية السارقين والمتخلفين عن دفع فواتيرهم.
انني اطلق هذه النداءات، بعد الجهود الضخمة التي تبذلها وما زالت الشركة، مجلس إدارتها، وادارتها التنفيذية لوقف القطع الإسرائيلي، والتي للأسف، ما زالت تصطدم باستمرار السرقات والتعديات، كما أن الشركة وخلال منصاتها الإعلامية وعلى مدار العامين الماضيين، حذرت، ونوهت، ودعت وفتحت باب التسوية، من خلال حملات إعلامية وصلت إلى أكثر من مليون شخص، ولم تتوقف الجهود هنا، بل أننا وفي شهر أيلول/سبتمبر الماضي، عقدت الشركة وبالتعاون مع سلطة الطاقة والموارد الطبيعية ورشة عمل وطنية، برعاية رئاسية مشكورة، لمحاربة ظاهرة السرقات والتعديات.
أختم مقالي هذا، بالشكر والتقدير لكل من يساهم في تعزيز صمودنا في القدس، وعلى رأسهم السيد الرئيس محمود عباس والقيادة السياسية والحكومة الفلسطينية، كما أوجه شكري العميق لمشتركينا الملتزمين الذين يقومون بتسديد فواتيرهم أولاً بأول، ولمجلس إدارة الشركة، لإدارتها التنفيذية، وجميع العاملين فيها، كما أؤكد لجمهور مشتركينا من هنا من القدس، أن شركة كهرباء محافظة القدس، ستبذل كل جهد يلزم لتقديم أفضل خدمة كهربائية انطلاقًا من شعارها: نُنير الحاضر لنرى المستقبل بوضوح.