الشريط الاخباري

المشاهد الدامية وعصابات اليمين بقلم: بكر أبوبكر

نشر بتاريخ: 24-01-2023 | أفكار
News Main Image

الوضع الدامي الذي نعيشه في فلسطين نتيجة اعتداءات المستوطنين المتكررة وبحماية الجيش ينبيء بانهيار النظرية الصهيونية بإدارة الصراع وليس حله مع أصحاب الأرض الفلسطينيين، وينبيء أيضًا بقرب الخروج من حالة الفرجة أو التمهل أو التراخي أو الترقب التي تعيشها بعض الفئات في مجتمعنا في فلسطين.

الدم المسال عبر عمليات القتل والبطش والإرهاب سيجلب الرد عليه بمثله  ضمن قانون نيوتن الثالث بالفعل ورد الفعل، ولن يكون الخاسر الا المعتدي المستعمِر المنتفخ بأفكاره المتطرفة وجراب مسدسه من العصابات التابعة للوزراء المتطرفين المتسيدين اليوم.

إن المعتدي على الأرض والشجر والحجر والبشر هو ذاك المجرم الذي يرفع هراوته بوجه المتظاهرين السلميين الفلسطينيين، ومعهم الاجانب والإسرائيليين التقدميين المدافعين، ويضربهم بهمجية وقسوة واحتقار لمجرد أنهم يجولون في بلادهم، ولا يتورع عن انتهاك بيوتهم وحقولهم وأرضهم، وماشيتهم بكل ما زرع فيه من قيم الفوقية والتكبر تجاه الآخرين.

وحين يجد المعتدي أي مقاومة حتى باليد او الصدر أو الحجر لايتورع عن إطلاق الرصاص بلا أي قيمة أخلاقية لا دينية ولا قانونية، وكأن المطلوب من الضحية أن تموت حتى بلا أي انفعال أو حشرجة.

أن المشهد الأول الفاقع الظهور يتمثل بالاعتداءات العنصرية للمستوطنين بسبب مُدّعَى أوبلا سبب البتة، وامام آلات التصوير! فلم يعد هناك حاجة للاختباء وراء التفسيرات والتبريرات في ظل انكشاف الغطاء وظهور العنصرية والقيم الاحتلالية بأبشع صورها، مع مطالب بن غفير وسموتريش بتسليح المستوطنين! ولاسيما والخمود العربي، والانصراف العالمي في مواجهة هذا الاستكبار، بل ودعمه كما تفعل أمريكا فعليًا.

في دعمها للإرهاب شطبت الولايات المتحدة الأميركية اسم حركة كاهنا "كاخ"اليهودية المتطرفة، من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية؟! وهي التي كان أحد أبطالها الإرهابيين قد أطلق النار على المصلين المسلمين في المسجد الإبراهيمي بالخليل أثناء أدائهم الصلاة فجر يوم جمعة في شهر رمضان 1414هـ، 1994م وقد استشهد 29 مصلياً وجرح 150 آخرين قبل أن ينقض عليه مصلون آخرون.  

أما المشهد الثاني فهو مشهد تهويد مدينة القدس بلا أي غطاء أيضًا، وسرقة ما تبقى فيها من أرض، ويرتبط بها حتمية القادم من تقسيم المسجد الأقصى (المسجد الأقصى هو كل ما دار حوله السور بمساحة 144 ألف متر مربع متضمنًا المساجد والمباني والساحات والسور ذاته)، ومتضمنًا الاقتحامات المستمرة لباحات المسجد المنتكس بتخلي الأمة الإسلامية عنه وكانه يبكي او يلعن الأمة التي تاهت بين الزخارف والعقلية الاستهلاكية المأسورة للغرب المادي متناسية المباديء والقيم الحضارية.

يقول الشيخ عكرمة صبري معاتبًا الأمة: "إن سكوت العرب والمسلمين على ما يجري في المسجد الأقصى غير جائز وغير مقبول، والتنديد والاستنكار لا يأتي بنتيجة، وندعو الى الضغط بشكل حقيقي على الاحتلال الصهيوني، لوقف تماديه ومستوطنيه في المسجد الأقصى المبارك".

وفي المشهد الثالث لاتتوقف اقتحامات القوات العسكرية الصهيونية لكل المدن والقرى والخرب في تأكيد مستمر على إلغاء ما تبقى من اتفاقيات أوسلو الجائرة، فلا ألف ولا باء ولا جيم! فكله مستباح وضمن الخرافة بأنهم في أرضهم ويحلو لهم فعل ما يشاؤون "يهودا والسامرة" و"أرض إسرائيل الكبرى"، وليس في المتاح لنا من أرض فلسطين، ودولتنا تحت الاحتلال.

الواضح اليوم أن التطورات في البلاد ذات طبيعة متصاعدة جدًا فيما يتعلق بنشر الكراهية والعنصرية وإشعال فتيل الحرب الدينية بالأفعال القمعية والاعتداءات المتكررة على الأرض تلك التي يقوم به أنصار الحكومة اليمينية الصهيونية من العصابات الاستيطانية التي تشرب من قعر أساطير التاريخ وخرافاته المعتادة وقيمه العنصرية بوراثتهم أو ملكيتهم الأرض! التي لم يسكنها أي منهم، على الأقل منذ 4000 عام.

إنهم يعيشون (ويطبقون الآن باعتداءاتهم) سردية أسطورية خرافية، ويقنعون أنفسهم بها وهو ما لا يتفق مع التاريخ ولا القانون ولا حتى الدين الذي لا يعترف بوراثة أحد لأرض ما، الا بوراثة الخالق لكل مخلوقاته، ولا يرى في فهم الوراثة أو التفضيل الإلهي لجماعة أو قبيلة غابرة الا معنى التخصيص بصفة ما في فترة ما، ولا يرى بفهم الوراثة أنه الأحقية بالأرض، بل وراثة الفكرة والدعوة لله سبحانه لمن يحملها للبشرية، وعبر بالتقوى والتقرب من الرب وليس للأصل القومي أو الأيديولوجية مهما كانت ذات ارتباط ديني أو قومي او غيره.

إن انطباق الفكر الأيديولوجي الخرافي المستند لقناعات تاريخية أسطورية يسبغ عليها الرداء الديني محملين الله (إلههم) فوق طاقته! بإدعاء ملكيتهم له حصريًا وأنهم شعبه الوحيد على وجه البسيطة (بضعة ملايين مقابل 7 مليار إنسان؟!)، هذا الانطباق حين الوصول للسلطة وعبر محطة السياسة الفارهة، والغرور بالذات يتحول لقتل ورعب سيتواصل الى أن يحرق الأخضر واليابس وهو ما حصل في مراحل سابقة مع أيديولوجيات عنصرية فاشية ويبرز جليًا اليوم فيما يحصل في فلسطين.

 

شارك هذا الخبر!