بقلم: سمير عباهرة
لا زال مفهوم حل الدولتين يتردد في وسائل الاعلام الغربية وفي مواقف وتصريحات المسئولين الغربيين فقد اعرب وزراء خارجية خمسة دول غربية وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا في بيان لهم عن "بالغ قلقهم" حيال قرار الحكومة الاسرائيلية بناء عشرة آلاف وحدة استيطانية جديدة والبدء بتشريع تسعة بؤر استيطانية في الضفة الغربية والتي كانت تعتبر سابقا غير قانونية بموجب القانون الاسرائيلي وأكدت تلك الدول في بيانها انهم يعارضون بشدة تلك “الإجراءات أحادية الجانب التي لن تؤدي إلا لازدياد التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتقويض الجهود الرامية للتوصل إلى حل الدولتين القائم وأكدت نلك الدول على دعمها لتحقيق سلام شامل وعادل في الشرق الأوسط وهذا الامر يجب ن يتحقق من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين وأشار البيان الى ان
هذه الدول ستواصل متابعة التطورات الميدانية التي تؤثر على قابلية تحقيق حل الدولتين واستقرار المنطقة.
اعتراف صريح من دول الغرب بحل الدولتين وان السياسة الاسرائيلية ستعمل على تقويض الجهود الرامية لهذا الحل مع تأكيد هذه الدول انه لن يكون هناك استقرارا في المنطقة دون الوصول الى حل الدولتين أي دون حصول الفلسطينيين على حقوقهم وكان الاكثر انزعاجا من الخطوة الاسرائيلية هو وزير الخارجية الامريكي انتوني بلينكن الذي عبر ايضا عن انزعاج بلاده لعدم شرعية البؤر الاستيطانية.
ما يهمنا هنا هو موقف الولايات المتحدة والذي دائما تنساق الدول الاوروبية خلفه رغم ان اوروبا كانت تتقدم بعض الشيء عن موقف الولايات المتحدة حيال الصراع لكنها الان تتقاطع معه في كافة ابجدياته.
البيان ركز على مسألة مهمة جدا وهي انه لن يكون هناك استقرارا في المنطقة دون التوصل الى تسوية للصراع من خلال حل الدولتين وهذا بات مطلبا دوليا. وللعودة الى بدايات اطلاق عملية التسوية فان الهدف منها كان الوصول حالة استقرار دائم في المنطقة وهذا لا يأتي إلا من خلال التوصل الى تسوية تعيد للفلسطينيين حقوقهم وهذا ما اقرت به الولايات المتحدة لان الدوافع وراء اطلاق عملية السلام هو الحفاظ على امن اسرائيل والآن نحن امام حالة مضى عليها ثلاثة عقود من الزمن ولا زلنا نتمسك بنفس الخطاب دون احداث تغيرات استراتيجية على الارض.
البيان لم يحمل جديدا وبقي في اطاره النظري وكان من المفترض ان يتبعه اجراءات عملية لو كانت هذه الدول فعلا جادة في احداث اختراق يذكر في الجمود الحاصل في عملية السلام وفي الخروقات والانتهاكات المتكررة التي ترتكبها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ومؤسساته.
هذه المواقف النظرية المعارضة لسياسة الحكومة الاسرائيلية لن تخدم القضايا الدولية والمحلية ولن تساهم في ردع اسرائيل بل تأتي في اختلاق نظريات جديدة في استمرار الصراع وتصعيده فإسرائيل لا ولن تنصاع لقرارات الشرعية الدولية وتتجاوز كافة الخطوط الحمراء نظريا لعدم جديدة المواقف الغربية ولعدم ممارسة الضغوط عليها وعلى دول الغرب حماية قراراتها ومواقفها اذا كانت فعليا جادة في اطلاق مثل هذه التصريحات وإلا فأنها ستبقى في اطار الاستهلاك المحلي وترك اسرائيل تدير ظهرها للإجماع الدولي.
قرار الحل بيد الولايات المتحدة فإسرائيل تتجاوز القانون الدولي دون محاسبة وواشنطن وحدها تمتلك كل الاوراق لممارسة الضغط على اسرائيل وإرغامها على الانصياع للقانون الدولي وعليها التدخل ايضا في مسار العودة الى طاولة المفاوضات لتحقيق ما ورد في بيانهم حفاظا على المصداقية لتلك الدول وإلا فان اسرائيل ستبقى مستمرة في عنادها وستبقى المنطقة مرشحة لمزيد من التصعيد وعدم الاستقرار في ظل التطورات الاخيرة التي شهدتها الساحة الفلسطينية من تواصل الاعتداءات الاسرائيلية والتي شكلت حالة من النهوض على المستوى الشعبي وما نتج عنها من ردود فعل فلسطينية تمثلت بالعصيان المدني وعصيان اخر داخل السجون الاسرائيلية وتبقى الامور مفتوحة على كافة الاحتمالات بما فيها اعادة الصراع الى عناصره الاولى والى مربعه الأول.