بيت لحم /PNN / نجيب فراج –اصبحت ظاهرة "المسحراتي" في الارض الفلسطينية الى ظاهرة وطنية تبث الروح المعنوية للاهالي وخاصة في ظل ازدياد الاعتداءات الاسرائيلية وارتكاب مزيد من المجازر التي شهدتها العديد من المواقع وخاصة في شمال الضفة الغربية.
ولم تعد هذه الظاهرة التي ورثتها الاجيال جيلا وراء جيل مرتبطة بايقاظ المواطنين على وجبة السحور وتذكيرهم بموعدها في ظل غياب اية وسائل عصرية المنتشرة في هذا الوقت وكذلك يتطوع المسحراتي بهذه المهمة من اجل كسب مزيد من الثواب عند الله سبحانه وتعالى.
لا يمكن لاحد ان يقول ان الظاهرة قد اختفت ولكنها انحسرت بشكل كبير واليوم يبادر هؤلاء الذين يقومون بهذه المهمة للحفاظ على ارث قديم يجمع الكل عليه انه جميل ومن اهم العادات الرمضانية التي يتمسكون بها، مع اضافة العديد من المظاهر كي تبقى منتشرة، ولكن في فلسطين وخلال العامين الماضيين ومع تزايد العدوان الاسرائيلي على ابناء شعبنا اكتسبت هذه المهمة عناصر جديدة وهي اطلاق شعارات وطنية وتعمل على تمجيد الشهداء وشحن معنويات الاهالي وعلى الراس منهم اهالي الشهداء والجرحى.
ما ينتشر في العديد من المواقع هو قيام مجموعة من الشبان بالتجول في الشوارع على شاكلة فرق منظمة فهم يمزجون ما بين العادات المتأصلة وما بين التراث الفلسطيني اذ يرتدون الكوفيات والثوب الفلسطيني المعروف باسم"الكبر" وبين اطلاق شعارات وطنية تعبر عن الثوابت والحقوق الوطنية، وفي كل مدينة او قرية او مخيم تجوب بها الفرق تعكس خصوصية الموقع ذاته.
قي مدينة الخليل تحرص فرقة "اصايل" للاناشيد الدينية التجول في كل شوارع المدينة وعلى راسها البلدة القديمة المنكوبة بالاستيطان والتي تملا ازقتها الابراج والنقاط العسكرية الاسرائيلية، ومن الملاحظ ان هذه الفرقة التي تحمل الطبول ويرتدي عناصرها الذين يفوقون عن سبعة الزي الفلسطيني وبينهم واحد يطلق الاناشيد بصوت جميل للغاية ويتعمد اعضاء الفرقة ان يصدح صوتهم وصوت الطبول عاليا، ومن بين الهتافات والاناشيد التي تطلق في مدينية الخليل"وحدوا الله يا احياب هي البلدة القديمة..ما بتكل العزيمة"، "من الخليل تحية لجنين الابية"، “ من الخليل تحية لنابلس الابية ”.
وفي قرية المغير كان حضور عدد من الشبان وبشكل ليلي في شهر رمضان المبارك لا يقاظ المواطنين على السحور مميزا فالكوفية حاضرة وكذلك الهتافات الوطنية الحماسية ومن بينها "يام الشهيد ياحنينة.. دمعك غالي علينا"، "والله راح نوخذ بالثار والله شاهد علينا".
وكذلك الحال في مخيم الدهيشة للاجئين يجوب الشبان الشوارع ويحرصون عند امام مدخل عوائل الشهداء ان يهتفوا باسمائهم مؤكدن انهم لن ينسوهم وستبقى ذكراهم حاضر.
اما في مدينة نابلس المثخنة بالجراح جراء العدوان الاسرائيلي الذي لا يتوقف بحقها والتي كان اخرها استشهاد الشابين محمد سعيد الحلاق ومحمد جنيدي ابو بكر اثر اقتحام للمدينة صباح اليوم فان الشهداء حاضرون اثناء ايقاظ المواطنين على السحور والهتافات جميعها تشيد بمسيرة الشهداء وذكراهم العطرة ، ويحرص المسحراتية على ذكرهم اسما اسما والوقوف طويلا امام منازلهم كما حصل عند منزل الشهيد ابراهيم النابلسي وخرجت والدته ووالده وهم يحيون الشبان المسحراتية.
وهذا ما يحصل في مدينة جنين ومخيمها حيث وضع الشبان صور الشهداء على الطبول وهم يقرعونها لايقاظ المواطنين وعرف من بين الهتافات" يا مخيم جينا نصحيك ..الله من عندو يحميك"، "يا شهيد طل وشوف احنا رجالك عالمكشوف.
وفي القدس وفي رحاب المسجد الاقصى المبارك يصدح المسحراتي بصوته الجميل متحديا كل الاجراءات الاسرائيلية العنصرية والتي شهدن يوم الجمعة الماضي اغتيال الطبيب ابن النقب محمد العصيبي وعرف منها " يا اهل القدس الكرام صلوا على النبي العدنان"، يا نايم قوم واتسحر وادعو للاقصى يتحرر".
ويتذكر العديد من النشطاء عبر التواصل الاجتماعي ذكريات لشهداء كانوا يشاركون في خطوات المسحراتي وقد قضوا دفاعا عن بلدهم وكرامة شعبهم ولعل الضور التي ينشرها هؤلاء النشطاء للشهدا وهم يحملون الطبول ويثدحون باصواتهم الجميلة اكبر دليل على ذلك ومن بينهم الشهيد بهاء عليان ابن مدينة القدس وقد كتب الناشط محمد يقول "
الشاب المهذب.. أصبح شهيداً.. الشاب المبادر.. العنوان.. الخلوق.. أصبح شهيداً.. بهاء ليس رقماً.. هو قال ذلك ولن يكون كذلك.. ترك بصمة.. في ثنايا المدينة.. وحواريها.. يتذكرونه في القدس.. نظم أطول سلسة بشرية قارئة تحيط بسور القدس.
صاحب الوصايا العشر وفيها.. "أوصي الفصائل بعدم تبني استشهادي فموتي كان للوطن وليس لكم".. هذا درس لكل الفصائل التي تسارع إلى تبني البطولات.. وليس لها ما لها فيها.
المسحراتي بهاء عليان.. ابن جبل المكبر.. القائد الكشفي النبيل.. مضى إلى العليين.. سيفتقده الصائمون.. ولكنه يعيش في فلذات الأكباد"