بقلم: سمير عباهرة
فتح وزير المالية الاسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الابواب على مصراعيها بتصريحاته التي اشار فيها (لا وجود لشيء اسمه شعب فلسطين) وادخل الصراع في منعطفات خطرة من خلال تنكره لكافة القوانين والأعراف الدولية التي تنص على حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته على ارضه بعد تحريرها وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي لها وان الاتفاقيات الموقعة من الجانب الاسرائيلي مع منظمة التحرير الفلسطينية تدحض زيف ادعاءات سموتريتش فهي اتفاقيات سياسية وتفاهمات اوسلو نصت على حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية.
تصريحات سموتريتش جاءت منسجمة مع بروتوكولات بني صهيون "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض" وهذه المقولة تقر بان اليهود شعب بلا ارض ويجب الاشارة ايضا ان هناك في أوساط الاسرائيليين من يدرك ان لا حق تاريخي لليهود في فلسطين ويدركون أن هذا الحق التاريخي وهمي للغاية ولا صلة له بالواقع إطلاقا وأن الفلسطينيين هم أصحاب هذا الحق الذي امتلكوه على مدار آلاف السنين بفعل وجودهم وبقاءهم في هذه الأرض وتجدر الإشارة الى أن "وثيقة ألاستقلال" الاسرائيلية لا تشير البتة إلى مثل هذا الحق وأنها أي "الوثيقة" تشير إلى وجود حق طبيعي للشعب اليهودي في ان يكون كبقية الشعوب له الحق في ادارة ذاته في دولة ذات سيادة.
ولدحض ادعاءات سموترتيش ايضا فان وثيقة كامبل بنرمان رئيس الوزراء البريطاني انذاك والتي اقرت في المؤتمر الذي عقدته بعض الدول الاوروبية والذي عقد في لندن عام 1905 وأشارت الى إن البحر الأبيض المتوسط يعيش على شواطئه الجنوبية والشرقية بوجه خاص شعب واحد تتوفر له وحدة التاريخ والدين واللغة وكانت تقصد الشعوب العربية ويجب إبقاء شعوب هذه المنطقة مفككة جاهلة من خلال زرع جسم غريب في المنطقة الفاصلة بين اسيا وأفريقيا أي فلسطين وبقاء المنطقة مفككة دون وحدة وكان قرار الدول الاستعمارية بإقامة كيان يهودي في هذه المنطقة وهذا ينفي أي احقية تاريخية لليهود في فلسطين اضافة الى ان ارثر بلفور وزير خارجية بريطانيا ومن خلال ما يسمى "وعد بلفور" هو من اعطى ارض فلسطين لإقامة دولة لليهود فيها بعد حقبة من الانتداب البريطاني للأرض الفلسطينية عدا عن ردود الفعل الدولية التي ادانت تصريحات سموتريتش واعترفت بدولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 1967 وهذه المعطيات بمجملها تأكيد على ان سموتريتش لا يستطيع تجاوز التاريخ والجغرافيا السياسية.
دوافع تصريحات سموتريتش كانت سياسية اكثر منها الخوض في اعماق التاريخ الذي يلقي بظلاله على جملة اكاذيبه وادعاءاته الفارغة فهي تعبير عما يدور في خلد اليمين المتطرف وعقيدته الصهيونية وكان يهدف الى ما يلي:-
1. الحصول على مكاسب سياسية وحزبية والاشارة الى التحول السياسي في اسرائيل وسيطرة اليمين المتطرف على الحكم وانه لا عودة الى الوراء.
2. لفت انظار المجتمع الاسرائيلي لإعادة بناء القومية الصهيونية المتطرفة بعد الاحداث الجارية في اسرائيل والانقسامات ومحاولة استثمار هذه المواقف سياسيا على الصعيد الداخلي بعد موجة الاضطرابات التي تجتاح العمق الاسرائيلي وتنذر بتفكك المجتمع الاسرائيلي سياسيا واجتماعيا.
3. ابقاء اسرائيل في واجهة الاحداث السياسية الدولية بعد تراجع الاهتمام الدولي نتيجة انشغال الغرب بإحداث الحرب الروسية الاوكرانية وتأثيرها على خريطة التحولات والتغيرات وبعد النهوض السياسي لبعض الدول الاقليمية وبناء شبكة من التحالفات بما يؤثر على النظام الدولي والاتجاه نحو بناء متعدد الاقطاب بما يؤثر على شكل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.
4. العودة الى مفهوم يهودية الدولة وتوجيه رسائل مبطنة لفلسطينيي الداخل من خلال عبارة "توقفوا عن البصق في البئر التي تشربون منها".
5. ابقاء حالة التصعيد قائمة مع الجانب الفلسطيني بما يخدم مصالح اسرائيل وهذه مقدمة لرفع وتيرة الصراع تمهيدا لتقويض حل الدولتين والتنصل من الاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين والإعلان عن وفاة عملية السلام.
ازاء كل ما تقدم وبالاشارة الى ردود فعل المجتمع الدولي في ادانة تصريحات سموترتيش ودعوته للتوقف عن اطلاق مثل هذه التصريحات الفارغة وهذا تأكيد على ان حقوق الشعب الفلسطيني تاريخية وان حقه في الوجود وفي اقامة دولته لا تلغيها مثل هذه التصريحات المتطرفة وان الفلسطينيين لا زالوا يمتلكون الكثير من اوراق القوة لقلب المعادلة ولولا ان اسرائيل لم تكن بحاجة ماسة لتوفير الامن والأمان لها لما اقدمت على توقيع الاتفاقيات مع الفلسطينيين وبغض النظر عن معادلة التوازنات.
ففلسطين قطب رئيسي في معادلة الصراع ولا يمكن تجاهل هذه الحقيقة ولا يمكن فرض أي حل لا يتوافق مع المتطلبات الفلسطينية.