بقلم: سمير عباهرة
من المفترض ان يكون الخطاب الذي سيلقيه الرئيس الفلسطيني امام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في ذكرى النكبة نقطة تحول في مسيرة الصراع ومحدداته حيث تكمن اهمية هذا الخطاب بأنها المرة الاولى التي يعترف بها الغرب من على منبر المنظمة الدولية بنكبة فلسطين وأن هناك شعبا فلسطينيا تم طرده وترحيله من ارضه بحيث استمر التآمر على القضية الفلسطينية طيلة العقود الماضية من عمر النكبة التي كانت نتاجا طبيعيا لوعد بلفور وما تبعه من أحداث ومآسي حلت بالشعب الفلسطيني من ترحيل قسري وتهجير وضياع الحقوق المشروعة له في ظل صمت دولي مع وعود بريطانية كاذبة قدمت للعرب بعدم المساس بالأرض والسكان الفلسطينيين ولكنها لم تلتزم بهذه الوعود وبقي الموقف الدولي صامتا دون تحريك ساكن إزاء ما يجري هناك.
الرئيس الفلسطيني سوف يطالب المجتمع الدولي بالاعتراف رسميا بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية في ظل استمرار اسرائيل في تعنتها وتهربها من استحقاقات عملية السلام ومطالبة الاسرة الدولية بالضغط على اسرائيل لوقف كافة الاعتداءات على شعبنا الفلسطيني ووقف عمليات القتل وهدم البيوت ووقف حربها على غزه ووقف الاعتداءات على الأماكن المقدسة وإلزام إسرائيل بوقف شامل للاستيطان داخل الأراضي المحتلة لان ذلك يشكل عقبة رئيسية في وجه عملية السلام.
يجب أن تكون هذه الذكرى مناسبة لإعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية وبات مطلوبا من الأمة العربية اتخاذ مواقف ترقى إلى الواقع القومي والعمل على تغيير الخطاب السياسي العربي بما يخدم القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني وتوفير الدعم اللازم للموقف الفلسطيني في الامم المتحدة الكرة الان باتت في ملعب الولايات المتحدة وحلفاءها في اوروبا الغربية الذين اقروا واعترفوا بحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته في مناسبات عدة والآن هم مطالبون بإثبات مصداقيتهم امام العالم اجمع فلم يعد بالإمكان النزول بالحقوق الوطنية الفلسطينية الى الدرجات السفلى من المعادلة الدولية وان القضية الفلسطينية ستبقى المؤثر والمحرك الرئيسي لكافة السياسات والتفاعلات في المنطقة
والعالم وان بقاءها دون حل سيبقي التوتر وعدم الاستقرار قائما في المنطقة بل الى مزيد من التصعيد.
المعادلة الدولية طرأ عليها بعض التغيير وهناك انقلاب في الموازين الدولية حيث بات العالم يشهد عصرا جديدا من التحولات والتغيرات الدولية وربما يقف على اعتاب نظام عالمي جديد متعدد الاقطاب وهذا من المؤكد انه سيعمل على خلط الكثير من الاوراق على كافة المستويات ومن المؤكد ان خارطة التحالفات الدولية والإقليمية سوف تتغير وان الولايات المتحدة بدأت تفقد هيمنتها الدولية وبالتالي اذا ارادت الولايات المتحدة ان يعود لها نفوذها فعليها ان تفرض مواقفها بشكل متوازي وتحديدا في مسألة الصراع الشرق اوسطي وان تجبر اسرائيل على الانصياع لقرارات الشرعية والقانون الدولي الذي يعترف بقيام دولة فلسطينية وحصول الفلسطينيين على حقوقهم وهذا ايضا يندرج على حلفاءها
الاوروبيين الذين كان موقفهم داعما لحل الصراع ومطالبة اسرائيل بالاعتراف بدولة فلسطينية مع ان بداية عملية السلام كان مشروعا امريكيا بنفس المواصفات أي بضرورة حل الصراع على اساس اقامة دولة فلسطينية حيث ارسلت اوروبا رسائل متعددة الى اسرائيل انطلاقا من ايمان الاوروبيين بحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته وأن الاعتراف بفلسطين يمثل إشارة قوية على أن السياسات الاستعمارية غير القانونية باطلة وأن لا أحدا يمكنه الاعتراض على حق الشعب الفلسطيني بالحرية وأن المجتمع الدولي يقف إلى جانب أولئك الذين يقررون احترام القوانين والمبادئ. وهكذا تكون اوروبا ارسلت رسالة قوية
لاسرائيل تؤكد فيها التزامها بالقانون الدولي والدبلوماسية باعتبار ذلك الطريق الوحيد للتقدم إلى الأمام واحترام حق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير وان الخطوة الأولى لإنقاذ حل الدولتين هو الاعتراف بالدولتين وليس بدولة واحدة.
صحيح ان الولايات المتحدة وأوروبا منشغلون في ما يجري في اوربا الشرقية والحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا والتي تعتبر حاليا من اكثر المناطق سخونة وربما تتطور الى ما هو ابعد من ذلك لكن ذلك لا يعفي الولايات المتحدة وشركاءها الاوروبيين لإدارة ظهرهم لصراع الشرق الاوسط فهو لا يقل سخونة عن ذاك الصراع ومن المفترض ان تقوم الولايات المتحدة بالضغط على اسرائيل وتحت عنوان "كفى" لان حل الصراع من المؤكد انه سيعمل على اعادة صيغة التحالفات في المنطقة.
صحيح ان اسرائيل تمر بأزمة داخلية بعد وصول حكومة هي الاكثر تطرفا في تاريخ اسرائيل لكنها من المؤكد انها سوف تنصاع للقرار الامريكي فيما اذا تم اتخاذه ببناء على لغة المصالح وإجبار اسرائيل للعودة الى محادثات السلام تمهيدا للاعتراف بدولة فلسطينية فالولايات المتحدة لها مصالح في المنطقة العربية بدأت بفقدانها وان حل الصراع يمكن ان يعيد الامور الى نصابها.