المناقشة العامة للأمم المتحدة لعام 2023: خطاب يليق بالشعب الفلسطيني
الدولة الفلسطينية - خطاب الرئيس في المناقشة العامة، الدورة السابعة والسبعون | التلفزيون الرسمي للأمم المتحدة
أقدِّم المسودة التالية كمقترح يمكن للرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يعتمده كخطاب في جلسة نقاش المناقشة العامة القادمة للجمعية العامة للأم المتحدة في دورتها الثامنة والسبعين. وهو كما يلي:
السيد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة،
السيد الأمين العام للأمم المتحدة،
معالي السادة رؤساء الوفود والمندوبين،
سيداتي وسادتي،
أولاً، أودُّ أن أعتذر للشعب الفلسطيني، لأولئك الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي، أولئك الذين يرزحون تحت حكم إسرائيل الفاشي والقمعي، أولئك الذين لا يزالون يعيشون كلاجئين خارج فلسطين، وكذلك للفلسطينيين في الشتات المنتشرين في جميع أنحاء العالم. أقدم اعتذاري الشديد لكل واحد منكم من هنا، من هذا المنبر العالمي. أعتذر على أمور كثيرة، أهمها رفضي السماح لكم بالمحافظة على منظمتنا السياسية، منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف). إنّ قراراتي كانت بلا شك سببًا رئيسا في تراجعها. أقدِّم أعتذاري أيضًا للشباب الفلسطيني، الذي لربما عندما يسمع الآن عن م.ت.ف اليوم، قد يتبادر إلى ذهنه أن هذا الاسم يشير إلى إحدى نكهات البوظة، بدلا من أن يرمز إلى حركتنا الوطنية للتحرير.
الدول الأعضاء،
لقد وقفت على هذه المنصة أكثر من اللازم، وعرضّت قضيتنا العادلة مرارًا وتكرارًا. لا بد أني جعلتكم تشعرون بالملل لكثرة دروس التاريخ التي ألقيتها على مسامعكم. لقد حاولت أن أُحرجكم من خلال سرد القرارات الخاصة بفلسطين والتي لم تأتِ بأي نتائج، فقد بلغت 754 قرارًا من الجمعية العامة، و97 قرارًا من مجلس الأمن، و96 قرارًا من مجلس حقوق الإنسان، وهذا بالطبع غيضٌ من فيض. أنا على يقينٍ تام بأن العديد منكم "يفهمون" القضية ومستعدين للعمل. لكن بالرغم من ذلك، تُعرقل إحدى الدول الأعضاء، على وجه الخصوص، والتي سبق لها أن استولت بالكامل على هذه القاعات، عملكم في سبيل تحقيق مصلحتكم الجماعية. إنّها حقيقةٌ مؤسفةٌ لا يمكن لشعبي تصحيحها بمفرده، لذلك أشير إليها كما هي، كحقيقة صادقة.
بناء على ما تقدَّم، أودُّ أن أدلي بالتصريح التالي بالنيابة عن شعبي ونضاله العادل من أجل الحرية والاستقلال. وإنّه ليس من قبيل الصّدفة أنّ جاء هذا التصريح أيضًا في جملة واحدة تحتوي على 67 كلمة فقط) باللغة الإنجليزية (، تمامًا كوعد بلفور الاستعماري.
"إن الشعب الفلسطيني ينظر بعزيمة لا تتزعزع إلى أن فلسطين، من النهر إلى البحر، ستكون حرة من الاستعمار الإسرائيلي والصهيوني، وسيبذل قصارى جهده في سبيل تحقيق هذا الهدف السامي، ويُؤكِّد على حقيقة أنه لن يتم المساس بكافة حقوق المجتمعات اليهودية الشرعية في فلسطين، و كافة الحقوق والحالة السياسية للفلسطينيين في أي مكان يقيمون فيه."
من خلال هذا التصريح وبالنظر إلى الجرائم الإسرائيلية الأمريكية المستمرة ضد فلسطين والفلسطينيين، أقدم للدول الأعضاء في الأمم المتحدة استراتيجية تقوم على النقاط الخمس التالية لإجراء التصويب الذي طال انتظاره لمخاطبة الظلم التاريخي الذي تعرَّض له شعبي:
1. إلغاء عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة: إذا لم تكن هناك عواقب حقيقية للانتهاكات الممنهَجة لشروط الانضمام إلى الأمم المتحدة والعضوية فيها، فما هو الهدف من العضوية؟ ألغي بموجب هذا التصريح أيضًا اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بدولة إسرائيل بعد 30 عامًا من الإعلان عن ذلك بشكلٍ منفرد كمبادرة لتعزيز السلام. لن أترك عبء هذا الاعتراف أحادي الجانب على كاهل الأجيال الفلسطينية القادمة.
2. توفير الحماية الدولية الفورية للفلسطينيين في غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية وإسرائيل ومجتمعات اللاجئين والنازحين في جميع أنحاء العالم. ويتزايد عدد شبابنا الذي يلجأ إلى حمل السلاح لحماية أنفسهم ومجتمعاتهم من الجيش الإسرائيلي وعنف المستوطنين. إن توفير الحماية الدولية التي طال انتظارها "للشعب المحمي" تحت الاحتلال العسكري قد ينقذ أرواح.
3. مساءلة جميع الأطراف بالتساوي. تطبيق عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية ورياضية وبيئية على إسرائيل و/أو الولايات المتحدة، وأي دولة أخرى تُسهِّل ارتكاب جرائم حرب والجرائم ضد الإنسانية من قبل إسرائيل.
4. اتخاذ إجراءات عسكرية وغير عسكرية. ينص الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة على اتخاذ "إجراءات تتعلق بتهديدات السلام وانتهاكات السلام وأعمال العدوان." بعد مرور خمسة وسبعين عامًا، هل لا زلتم تفكرون فيما إذا كان الوضع في فلسطين يشكل تهديدًا للسلام أو فيما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية اليوم، على وجه الخصوص، تقوم بأعمال عدوانية؟
5. تجاوز حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الأمريكي. إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تم أخذه كرهينة من قبل طرف متورط في الصراع. لديكم الحق القانوني في تنفيذ قرار "الاتحاد من أجل السلام" وفقًا للقرار 377 أ (5) للجمعية العامة الذي صدر في عام 1950، والذي يسمح في جوهره بتحقيق إرادتكم الجماعية على الرغم من وجود عضو واحد يعرقل ذلك.
لهذه الإجراءات القدرة على إنعاش نظام عالمي مبني على القانون الدولي، وليس "نظامًا عالميًّا قائمًا على قواعد عابرة" يتم وضعها بشكل تعسفي من قبل إحدى الدول الأعضاء.
أخيرًا وليس آخراً، أودُّ أن أُبلغكم بأن خطابي هذا هو الخطاب الأخير في هذه الهيئة التابعة للأمم المتحدة بصفتي رئيسًا لفلسطين. اعتبارًا من الآن، أستقيل وعلى الفور من جميع المناصب الرسمية في دولة فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية وحركة فتح. إن هذه القاعة هي من جلبت الدمار على شعبي. لذا، ألقي الآن عبء واقعنا المرير عليكم، في هذا المكان حيثما ينتمي.
على الصعيد الشخصي، يجب أن أضيف هنا أنني لم أتخذ هذه التدابير المدروسة بعناية نتيجة للتعب أو رغبةً بالاستسلام، إنما هذا جهدٌ أخيرٌ لن أدّخره لأنقذ ما تبقَّى لي من كرامة أمام شعبي.
أتمنى لكم جميعًا حظًا سعيدًا مع الجيل الجديد من القادة الفلسطينيين.
وعقب عودتي للعيش تحت حكم عسكري إسرائيلي كلاجئ فلسطيني يعيش ويتوق للعودة إلى مدينتي صفد التي وُلدت فيها، ما زلت آمل وأدعو أن يتحقق السلام والعدالة وأنا على قيد الحياة.
ختاما، تمنيت لو كان بإمكاني تقديم الشكر لكم، لكن ذلك لا يبدو مناسبًا. لذا، ما أرجوه هو أن يتمكن وعيكم الجماعي وقدرتكم على العمل من إثبات أنه أقوى من أي دولة تعتقد أن بإمكانها البقاء فوق القانون إلى الأبد.
- سام بحور محلل سياسي مستقل ومستشار أعمال من رام الله / البيرة في فلسطين المحتلة. يقوم بالتدوين على موقع ePalestine.ps والتغريد باسم على تويترSamBahour@.