الداخل المحتل / PNN - تستثمر ورقة إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، لتنفيذ "خطة الجنرالات" التي تهدف إلى تضييق الخناق على أهالي شمالي القطاع، من أجل دفعهم إلى وسط وجنوب غزة، وذلك بتنسيق أمريكي، وفق محللين سياسيين .
وأشار المحللون إلى أن تنظيم هذا المخطط تم بمشاركة واشنطن منذ الشهر الثالث من الحرب الإسرائيلية ضد حركة حماس في قطاع غزة، وذلك من خلال بناء "مرفأ" مؤقت على ساحل غزة لتقديم المساعدات الإنسانية.
يأتي ذلك في وقت تمنع فيه إسرائيل دخول أي احتياجات لأهالي غزة عبر المنافذ البرية، بهدف دفع السكان، لا سيما في شمال القطاع، للتوجه إلى البحر صوب المرفأ، في إطار تنفيذ الخطة المتعلقة بضم أراضي شمال القطاع لإسرائيل، وبناء مستوطنات عليها.
وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد تداولت أنباء عن احتمال قيام شركات مقاولات أمريكية، خاضعة لمسؤولية الجيش الإسرائيلي، بتوزيع أغذية في قطاع غزة، وهو ما سيتم عرضه على اجتماع مجلس الوزراء الإسرائيلي السياسي الأمني، الذي سيناقش أيضًا قضية إدخال المساعدات الإنسانية، ومطالب أمريكية منها زيارات الصليب الأحمر للمحتجزين الفلسطينيين، وتجميد التشريعات ضد "الأونروا".
وفي هذا الصدد، يؤكد الخبير في الشأن الإسرائيلي، نزار نزال، أن إسرائيل منذ اليوم الأول للحرب، تستثمر بورقة المساعدات، وحتى من قبل 7 أكتوبر ، عبر فرض الحصار على قطاع غزة منذ عام 2007.
وأضاف نزال، أنه قبل الحرب الإسرائيلية على غزة بيوم واحد، كان يدخل القطاع 500 شاحنة مساعدات يوميًا، إلا أنها تقلصت وانعدمت تمامًا مع العدوان الإسرائيلي.
وأوضح أن إسرائيل دأبت باللعب على وتر المساعدات وسط مجاعة يعانيها أهل القطاع، مؤكدًا أن إدخال المساعدات لغزة لم تكن تتعلق بتصفية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار.
وبين نزال أن المغزى يكمن في تضييق الخناق على أهالي شمال غزة، من أجل دفعهم إلى وسط وجنوب القطاع ، الذي تعتبر فيه الأوضاع الإنسانية أقل حدة مقارنة بما يحدث في الشمال، وذلك ضمن تنفيذ "خطة الجنرالات" التي ينكرها الإسرائيليون، والتي تنفذ بدعم وتنسيق أمريكي كامل، وفق قوله.
وذكر نزال أن الحديث عن وإدخالها ، ليس من باب رفع الحصار أو التعامل الإنساني مع الفلسطينيين، لكن المقصود هو طرد السكان من شمال قطاع غزة وتحقيق "خطة الجنرالات"، ومن ثم، تكون خطة الحسم في الضفة الغربية.
وأكد أن الهدف إخلاء شمال مستوطنة نتساريم باتجاه الحدود من السكان، عبر اللعب على وتر إدخال المساعدات بعيدًا عن الشمال، الذي سيغادر سكانه مناطقهم بسبب المجاعة إلى وسط وجنوب القطاع، وهو ما وضح جليًا في مغادرة أكثر من نصف مليون فلسطيني من شمال قطاع غزة.
ولفت إلى أن "خطة الجنرالات" مستمرة، والولايات المتحدة أعطت إسرائيل 30 يومًا في هذا السياق، من أجل طرد من تبقى من سكان شمال القطاع، عبر تضييق الخناق عليهم وتجويعهم، بهدف ضم أراضيهم وبناء مستوطنات عليها.
ويرى نزال أن أمريكا لها علاقة مباشرة في "خطة الجنرالات" والتلاعب بالمساعدات، كي تجسد أمرًا واقعًا في مرحلة ما بعد تدمير البنية التحتية في شمال قطاع غزة، بعد أن كانت ضربة البداية من قيام واشنطن في الشهر الثالث من العدوان الإسرائيلي، ببناء مرفأ مؤقت "ميناء" من قبرص حتى غزة على الساحل، لتقديم المساعدات، بهدف دفع السكان للذهاب إلى البحر وترك بقية مناطق القطاع.
ويتفق الباحث في العلاقات الدولية ، أحمد سعيد، مع ما ذهب إليه نزال، ويقول إن تلك الشركات التي يدور الحديث حول إدخال الأغذية من خلالها، سيكون إطار عملها في مناطق جنوب غزة وصوب ساحل القطاع، مع تضييق الخناق بشكل أكبر على سكان الشمال والوسط، لإخلاء تلك المناطق نهائيًا لتُقام عليها مستوطنات، وأيضًا منطقة عازلة أخرى.
وبين سعيد، أن هذه الشركات ليست مدنية، إذ ستعمل في سياق أدوار أخرى على تنفيذ عمليات أقرب على الأرض، لملاحقة عناصر حركة حماس من جهة ، ومن جهة أخرى الكشف بشكل أدق عن أنفاق الحركة، وبالتالي يتعامل على أساس معلوماتها سلاح الجو الإسرائيلي بقصف تلك الأماكن.
وقال سعيد إنه ومع حلول فصل الشتاء، وفي ظل انتشار الأمراض والأوبئة بين سكان القطاع في مناطق الوسط والجنوب، لن تصبح الحاجة إلى الغذاء بقدر دخول مساعدات إنسانية حقيقية تتعلق باحتياجات المعيشة اليومية في الفترة القادمة، لتكون المخيمات قادرة على التعامل مع التغيرات المناخية في هذه المنطقة، فضلًا عن الاحتياجات الطبية والدوائية التي تفرض ضغوطًا أكبر على النازحين.
المصدر / ارم نيوز