الداخل المحتل / PNN - دعت السلطات الإسرائيلية عدداً كبيراً من الضباط والجنود الإسرائيليين لتحاشي السفر للعالم، خوفاً من صدور مذكرات اعتقال بحقهم في دول مختلفة بشبهة المشاركة في جرائم حرب.
وقالت الإذاعة العبرية العامة إنه قد تمت دعوة عدد منهم لقطع سفرهم والعودة للبلاد فوراً، خوفاً من إلقاء القبض عليهم على الخلفية ذاتها.
وحسب “يديعوت أحرونوت”، يطالب جيش الاحتلال عدداً كبيراً من الضباط والجنود بمحو توثيقاتهم لمشاركتهم في غزة، وعدم نشر صور وفيديوهات لهم في الخارج، وذلك على خلفية قيام منظمات مناصرة للشعب الفلسطيني بإعداد “قوائم سوداء”، تمهيداً لمقاضاتهم على شبهة ارتكاب جرائم حرب داخل قطاع غزة.
ضباط وجنود وثّقوا عمليات هدم البيوت والمدارس وإشعال النار فيها بعد سلبها ونهبها، والتقطوا صوراً لجانب جثث، ودعوا بالصوت والصورة لتدمير وطرد الفلسطينيين
كما كُشف النقاب في إسرائيل، اليوم، عن قيام السلطات المعنية فيها باستئجار عشرات من المحامين الأجانب في العالم للدفاع عن ضباط وجنود مرشحين للاعتقال والاتهام.
و اليوم، الأربعاء، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية مقاطع من تحقيق واسع نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تحت عنوان “نار ودمار وانتقام”، عن جرائم حرب ارتكبتها قوات إسرائيلية بحق الغزيين، منذ عام ونيف.
تكشف صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية عن توثيقات من غزة نشرها ضباط وجنود إسرائيليون في منتديات التواصل الاجتماعي، وهي كمية كبيرة من الاعترافات تعكس حقيقة ما قام به قسم من القوات الإسرائيلية: “تفجير بيوت، عمليات تهجير جماعية، واعتقال مدنيين غزيين وهم عراة جزئياً”، وهذا علاوة على تصريحات تفيد بأن مهمة الجنود هي احتلال الأرض، وطرد الفلسطينيين، وبناء الاستيطان من جديد.
وتوضح الصحيفة الأمريكية أن ضباطاً وجنوداً قد وثّقوا عمليات هدم البيوت والمدارس وإشعال النار فيها بعد سلبها ونهبها، وشهادات أخرى وهم يلتقطون صوراً لجانب جثث، ودعوات بالصوت والصورة لتدمير وطرد الفلسطينيين. منوهة أن آلاف الصور والفيديوهات المنشورة من قبل ضباط وجنود إسرائيليين، في العام الأخير، بأسمائهم، وصورهم، تورّطهم في خطر الاعتقال من قبل “لاهاي”، وتورط إسرائيل أيضاً.
ويحتوي التحقيق الصحفي الأمريكي توثيقات لإقامة جنود إسرائيليين داخل بيوت بعد طرد أهلها، حيث يُتلفون محتوياتها، ويلتقطون صوراً مع ثياب داخلية لنساء فلسطينيات سكنَّ فيها.
ومن ضمن عيّنات الجريمة، هناك صورة لجندي إسرائيلي داخل مدرسة وهو يكتب على اللوح: “لكل شيء ثمن… غداً لن تبقى مدرسة”، ولجانب الكتابة رسم “نجمة داود”. وهناك توثيق لجنود إسرائيليين آخرين يكتبون لأقارب لهم قُتلوا في الحرب: “أنت تحرسنا من السماء، ونحن هنا نقوم بالانتقام”.
وتشير “واشنطن بوست” إلى فيديوهات توثّق عمليات تنكيل وتعذيب لمعتقلين فلسطينيين أحياء وأموات على حد سواء.
وتنقل الصحيفة الأمريكية عن جندي إسرائيلي محجوب الهوية قوله إن هذه الجرائم ارتُكبت منذ بدء الحملة البرية على قطاع غزة. ويضيف: “كان الجنود يقومون بإحراق كل بيت فيه دليل على كونه يتبع أنصار “حماس”، مثل صورة لإسماعيل هنية، أو علم “حماس” أو صورة الأقصى،.. وهل هناك بيت فلسطيني يخلو من صورة الأقصى؟”
في ردّه على هدم وحرق المنازل الفلسطينية، قال الناطق باسم جيش الاحتلال للصحيفة الأمريكية إن قواته قامت بهدم بنى تحتية لـ “حماس”.
وتنوّه “واشنطن بوست” أن نشر الضباط والجنود الإسرائيليين في منتديات التواصل الاجتماعي قد أدّى إلى تراكم كمية هائلة من الشهادات حول حقيقة ما فعله الجانب الإسرائيلي داخل القطاع، وتذكّر بأن هذه الانتهاكات جرت بالتزامن مع تصريحات وزراء إسرائيليين، أمثال سموتريتش وإلياهو حول القصف النووي والتدمير والتهجير والاستيطان.
في رده، يقول الناطق باسم الجيش الإسرائيلي للصحيفة الأمريكية: “الحديث يدور عن حوادث شاذة، وبحال وُجدت شبهات جنائية يتم تحويل الملفات للشرطة العسكرية”.
وتنوه الصحيفة أن قسماً من هذه المواد موجود بيد “محكمة الجنايات الدولية” قدّمتها جنوب أفريقيا، عندما قدمت دعوى ضد إسرائيل.
وفي التزامن، تنشر صحيفة “هآرتس” العبرية، اليوم، الأربعاء، تحقيقاً يستند إلى شهادات وصحفيين في القطاع، تؤكد فيه محو عائلات فلسطينية كاملة من سجل السكان داخل غزة بسبب الإبادة، منها: النصر، دعمش، سالم، المصري، الأسطل وغيرها. وتدلل بعض الأسماء على حقيقة أن ضحايا الإبادة الإسرائيلية داخل القطاع هم أبناء عائلات تم تهجيرها من منطقة يافا في نكبة 1948.
من ضمن عيّنات الجريمة صورة لجندي إسرائيلي داخل مدرسة وهو يكتب على اللوح: “لكل شيء ثمن… غداً لن تبقى مدرسة”
وفي هذا المضمار، تنشر جمعية “بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية تحقيقاً عن تنكيل الاحتلال بالفلسطينيين في الضفة الغربية، خاصة في الخليل، حيث يقوم الجنود بتنكيل منهجي وحشي ضد المدنيين.
وحسب “بتسيلم”، يمسك الجنود الإسرائيليون مواطناً فلسطينياً في شوارع الخليل، يكون عادة من الشباب، ويتم تفتيش هاتفه المحمول، وبحال وُجدت فيه صورة من غزة تكون سبباً كافياً للاعتقال. وبعد جرّه إلى ثكنة عسكرية يبدأ التنكيل والتعذيب بالضرب باللكمات والركل والضرب بأعقاب البنادق والعصي والكراسي والضرب بالحزام وغيره.
يُشار إلى أن وزير الأمن وقائد جيش الاحتلال الأسبق موشيه يعلون قد أكّد عدة مرات، بصوته وصورته في أحاديث إعلامية، أن قوات إسرائيلية، وبتوجيه من المستوى السياسي، تقوم بجرائم حرب وتطهير عرقي في القطاع، مشدداً على أن مقولة “الجيش الأكثر أخلاقية في العالم” لم تعد موجودة فعلياً. وقد قامت قيامة يعلون بعدما شنّت أوساطٌ إسرائيلية واسعة من اليمين واليسار حملات عليه، واعتُبرت تصريحاته مواد إعلامية دعائية قضائية متفجرة ضد إسرائيل ستوظّف كمواد ضدها في “محكمة الجنايات الدولية”، علاوة على دعمها الرواية الفلسطينية والعالمية عن حرب الإبادة في غزة، كونها شهادة هامة جداً من نوع “شهد شاهد من أهله”.