الشريط الاخباري

بين التحديات الطبيعية واعتداءات الاحتلال: الواقع الزراعي الفلسطيني متعطش للحلول المستدامة

نشر بتاريخ: 01-12-2025 | تقارير مصورة
News Main Image

بيت لحم / PNN - تقرير أية شلش - "ان الموسم الزراعي الفلسطيني  الأخير هو من أضعف المواسم، بفعل العوامل المناخية،  وقلة الأمطار التي أثرت على إنتاج العنب وأشجار الزيتون الأساسية للمنطقة." بهذه الكلمات، يصف المزارع يحيى عيسى من بلدة الخضر جنوب بيت لحم الواقع الصعب للمزارين الفلسطينيين من جراء تداخل بين التغير المناخي والاعتداءات الاسرائيلية، عاملان يحدان من قدرتهم على زراعة الارض والحفاظ على الانتاج. "ان الأمطار هي العامل الرئيسي لنمو المحاصيل، وأن أي نقص فيها يقلل الإنتاج مهما بذل المزارع من جهد"، يقول عيسى.
ويشير الى  أن انخفاض إنتاج الزيتون لم يقتصر على منطقة فقط، بل شمل مناطق واسعة في جنوب الضفة  ما أثر على إنتاج زيت الزيتون، وهو المنتج الزراعي الأكثر أهمية في المنطقة.


ويضيف: "الوضع ازداد صعوبة بعد اندلاع الحرب على غزة في السابع من أكتوبر، إذ تم تقسيم الطرق والمناطق الزراعية قرب بلدة الخضر، ما منع الكثير من المزارعين من الوصول إلى أراضيهم بسبب اعتداءات المستوطنين".
وهذا ما زاد من عزيمة المزارعين على الصمود، يؤكد عيسى: "الأرض إذا تُركت، تُؤخذ… والتمسك بها هو أقوى طرق الصمود".

من جهته، يوضح المزارع عمرعيسى، من بلدة الخضر ايضا، إلى أن "ضعف الموسم لم يقتصر على كمية الإنتاج فحسب، بل أثر أيضًا على جودة النباتات، مثل أوراق العنب التي تشكل مصدر دخل مهم، كما تسبب نقص الأمطار في تشقق التربة، وفقدان الرطوبة، وصعوبة نمو الأعشاب التي تحافظ على خصوبة الأرض". ويؤكد عمر أن "الأمن الغذائي الفلسطيني مرتبط مباشرة بمياه الأمطار"، وأن استمرار الجفاف في السنوات المقبلة "يهدد المحاصيل الأساسية في الضفة الغربية".


التحديات التي تواجه القطاع الزراعي الفلسطيني "مركّبة بسبب الاحتلال الإسرائيلي من جهة والتغير المناخي ومن جهة اخرى"، يشرح عبد الوهاب حلايقة، مدير عام الزراعة في محافظة بيت لحم. ويشير المسؤول إلى أن الاعتداءات على الأراضي الزراعية وقطع أشجار الزيتون ومنع المزارعين من الوصول إلى أراضيهم أدت إلى خسائر كبيرة وانخفاض الإنتاج، بينما أدى انخفاض الأمطار بنسبة 40% عن المعدل السنوي إلى تراجع الإنتاج الزراعي، وارتفاع تكاليف الري بسبب ندرة المياه. 
ويشير الى ان "في الموسم الماضي، بلغ معدل إنتاج الزيتون 50 كيلوغرامًا للدونم الواحد، وتم الإنتاج من مساحة 20 ألف دونم فقط، بينما انخفض إنتاج العنب بنسبة 50% نتيجة الإغلاقات المتكررة ومنع المزارعين من الوصول إلى الأراضي".

من جهته، يوضح  مازن أبو قمصية، رئيس معهد التنوع الحيوي في فلسطين، إلى أن تدهور القطاع الزراعي فلسطينيًا ليس جديدًا، إذ كان أكثر من نصف الشعب الفلسطيني يعتمد على الزراعة قبل عام 1948، بينما اليوم لا يتجاوز العاملون في هذا القطاع 4–5% من السكان. "يمارس الاحتلال سياسات ممنهجة تشمل سرقة الأراضي، الاستيلاء على المياه الجوفية، منع الفلسطينيين من تجميع مياه الأمطار، وفرض قيود شديدة على التوسع الزراعي، ما أدى إلى تناقص الأراضي المزروعة لتصبح أقل من 10% من المساحات المتاحة سابقًا"، 

ويشرح أبو قمصية إلى أن التغير المناخي أدى إلى "انخفاض الأمطار، ارتفاع درجات الحرارة، تراجع إنتاج الزيتون، وانخفاض إنتاج الزيت" مع تأثيرات سلبية على التربة والتنوع البيولوجي. ويضيف أن المعهد يعمل على برامج زراعية مستدامة تعتمد على الزراعة البيئية والزراعة المستدامة (التي لا تعتمد على المبيدات السامة وتأخذ بعين الاعتبار معايير حماية البيئة)، حيث تم تدريب 81 مزارعًا في منطقة وادي المخرور على أساليب تساعدهم على زيادة الإنتاج بنسبة 32% باستخدام نفس الأرض وذات الموارد المائية، مع تقليل التكاليف واعتماد الأسمدة الطبيعية وتحسين كفاءة الري.
 

على صعيد الرسمي والوطني، تتضمن الحلول المقترحة، حسب الخبراء، توسيع برامج حصاد المياه، وتطوير دعم المزارعين لمواجهة الخسائر، وتعزيز الزراعة المستدامة التي تخفّض التكاليف وتحافظ على التربة، إلى جانب حماية الأراضي عبر التوثيق القانوني (للتعديات) وزيادة التدريبات الزراعية ونشر التقنيات الحديثة. في هذا السياق، أطلقت وزارة الزراعة مبادرة وطنية ترتكز على خمسة محاور رئيسية تشمل الأمن الغذائي، الأمن المائي، الاستجابة العاجلة لتداعيات الازمات الزراعية، تحضير فلسطين لمواجهة الأزمات، وتدخلات ميدانية لدعم المحاصيل الأساسية.

ولكن تبقى هذه الحلول مجرد "تكيّف مؤقت مع الواقع الصعب"، يقول أبو قمصية. "ان الحل الجذري يبدأ بانتهاء الاستيطان ووقف سرقة الأراضي والمياه"، يكرر الخبير، مؤكدًا أن "المقاومة تبدأ من تحرير الفكر والإيمان بقدرة الفلسطينيين على حماية أرضهم وزراعتهم وبيئتهم رغم كل التحديات". 
 

 

شارك هذا الخبر!