أبلغت السلطة الفلسطينية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، والمسؤولين الأميركيين أن أي جسم سيتشكل في قطاع غزة دون علاقة عضوية مع الحكومة الفلسطينية والسلطة، “لن يستطيع أن يعيش”، فيما لم يعرض بلير أي تصوّر أو عرض بشأن دور السلطة في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار.
وذكر المسؤول: “لقد أوصلنا صورة واضحة لبلير في لقائه الأخير في رام الله، أن هناك قضايا موضوعية، لا يمكن حلّها من دون دور أساسيّ للسلطة الفلسطينية”.
وأضاف أنّ “ملفات مثل سجلّ السكان المدنيّ، بكل ما فيه من وثائق ولادة ووفاة وجواز سفر وغيرها، والتربية والتعليم، والنظام البنكيّ؛ كلها قضايا مرتبطة مع السلطة”.
وفي الصّدد ذاته، تساءل المسؤول الفلسطيني: “لذلك كيف سيكون هناك جسم في قطاع غزة، ليس له علاقة مع السلطة الفلسطينية كما تطلب إسرائيل؟”.
لا إجابة واضحة بشأن دور السلطة في القطاع
وذكر المسؤول أن “بلير ردّ بأن ما تقوله القيادة الفلسطينية هو أمر واقعيّ، لكن ليس لديه أي تصوّر أو عرض بشأن دور السلطة في قطاع غزة في المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار”.
وأضاف: “لقد سمع منا، وذهب للقاء المسؤولين في حكومة الاحتلال الإسرائيلي”.
وبشأن إذا ما جرى الحديث مع القيادة الفلسطينية حول دور للسيطرة على مناطق معينة في قطاع غزة، أكد المسؤول أن “بلير لم يتحدث معنا (مع السلطة الفسطينية) عن دور في مناطق معيّنة في قطاع غزة، وهذه المعلومات رأيناها منشورة في الإعلام الإسرائيلي”.
وقال: “لقد أكدنا لتوني لبلير أننا جاهزون لكل شيء، وتحديدا في المجال الأمنيّ والشرطيّ، حيث يوجد لدينا مئات من عناصر الأمن التي تدربت في مصر، العام الماضي، بانتظار أن تدخل قطاع غزة في اليوم التالي للحرب، وهي جاهزة الآن لمباشرة عملها على الأرض”.
وذكر المسؤول الفلسطينيّ أن “الولايات المتحدة تريد أن تعطي السلطة الفلسطينية دورا، لكن ما هو الدور وكيف ومتى، لا نعلم على وجه التحديد”.
ولفت إلى أن الإدارة الأميركية “تصطدم مع رغبة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الرافض تماما أي دور للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة”.
وقال المسؤول ذاته: “نعتقد أنه لن يكون هناك إجابة واضحة بشأن دور السلطة في قطاع غزة إلا بعد لقاء نتنياهو مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، نهاية الشهر الجاري، في الولايات المتحدة الأميركية”، لافتا إلى أنه “حتّى ذلك الوقت، لن يكون هناك أي شيء واضح بشأن الموافقة على دور للسلطة في قطاع غزة، أو دور اللجنة الإدارية في قطاع غزة التي تطرح السلطة الفلسطينية أن تكون مسؤولة عنها، ومن خلالها تؤدي وظيفتها كسلطة على الأرض في قطاع غزة”.
دور أقلّ في وقت لاحق
بدوره، قال مصدر فلسطيني آخر وصفه تقرير “العربي الجديد” بالمطّلع، إن “الأميركيين يعرفون أنه لا بدّ من الاستعانة بالسلطة للشؤون الشرطية والخدماتية، وفي الوقت ذاته لا يريدون التعامل مع السلطة، بناء على قائمة الإصلاحات التي تطلبها أميركا من جهة، ورفض إسرائيل من جهة ثانية”.
وأضاف المصدر أن “إسرائيل والأميركيين يرفضون عودة السلطة للعب دور سياسيّ واضح، وله امتداد إداري وتنظيمي”.
غير أنه أشار إلى أنه “ربما سيكون هناك حديث لاحقا عن دور أقلّ، وهو دور خدماتيّ، لتسهيل بعض الأمور الخدماتيّة في قطاع غزة فقط”.
وفي سياق ذي صلة، قالت صحيفة “فايننشال تايمز”، الإثنين، إن اسم رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، قد أُزيل من قائمة المرشحين المحتملين لرئاسة “مجلس السلام” الذي يُحضّر لتولّي إدارة قطاع غزة مؤقتا بموجب خطة ترامب.
وأضافت الصحيفة، استنادًا إلى مصادر مطّلعة، أن إزالة اسمه جاءت إثر معارضة من عدة دول عربية وإسلامية. ولم يعلق مكتب بلير على التقرير، غير أن شخصًا مقرّبًا منه أشار إلى أن بلير مرشح للانضمام إلى مجلس إداري يتولى تنسيق العمل بين لجنة التكنوقراط الفلسطينية و”مجلس السلام”، إلى جانب المبعوث الأميركي ستيف ووتكوف، وصهر الرئيس الأميركي، جاريد كوشنر.
ووفق مصدر آخر، فإنه رغم استبعاد بلير من رئاسة “مجلس السلام”، قد يُسند إليه دور في البُنى الحاكمة المستقبلية للقطاع.
وكان نتنياهو قد اجتمع سرًا قبل نحو أسبوع مع بلير، من دون أن يصدر أي بيان رسمي عن رئاسة الحكومة، بحسب ما أوردت هيئة البث العام الإسرائيلية، مساء السبت الماضي.
والتقى نائب الرئيس الفلسطينيّ، حسين الشيخ، في مكتبه بمدينة رام الله، مع توني بلير، في الثالث والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بحضور رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، ومستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي، والناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، حيث ناقشوا التطوّرات المتعلقة بمرحلة اليوم التالي.
وكان اللقاء حينها، هو الثالث هذا العام بين بلير والقيادة الفلسطينية، إذ سبق والتقى الشيخ مع بلير في العاصمة عمان في تشرين الأول/ أكتوبر، فيما التقى الرئيس الفلسطينيّ، محمود عباس، مع بلير في تموز/ يوليو الماضي، من دون أن يكون له أي صفة رسمية حتى الآن في مجلس السلام، أو المجلس التنفيذي الذي سيعلن عنه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في المرحلة المُقبلة.
ورافق بلير مسؤول أميركي من مركز التنسيق المركزي العسكري، الذي تأسس في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بعد الخطة الأميركية لإنهاء الحرب في قطاع غزة، ومقرّه كريات غات في إسرائيل.