الشريط الاخباري

بيت لحم تُضيء شجرة الميلاد… فرحٌ يعود بحذر ورسالة سلام من قلب الألم

نشر بتاريخ: 24-12-2025 | محليات , تقارير مصورة , PNN مختارات
News Main Image

بيت لحم /PNN- بعد عامين من التوقف القسري للاحتفالات، عادت مدينة بيت لحم لتُضيء شجرة عيد الميلاد، في خطوة تحمل أبعادًا إنسانية ووطنية تتجاوز الطقس الاحتفالي التقليدي. فالفرح هذا العام جاء ممزوجًا بالحزن، ورسالة الميلاد انطلقت من مهد السيد المسيح محمّلة بنداء السلام والمحبة، في ظل ما يعانيه أبناء الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة.

وقال عضو مجلس بلدية بيت لحم داوود صلاحات إن المجلس البلدي اتخذ قراره منذ شهر تشرين الأول، بعد وقف الحرب، بالمضي قدمًا في إضاءة شجرة عيد الميلاد، وهو قرار استلزم سلسلة طويلة من الإجراءات والتحضيرات.


وأوضح صلاحات أنه جرى التواصل مع القيادة الفلسطينية التي رحّبت بالفكرة، خاصة بعد أن أقدم إخوتنا في غزة على إضاءة شجرة الميلاد عند باب مستشفى المعمداني، في رسالة أمل وصمود.
وأضاف صلاحات أن بيت لحم كانت قد أوقفت جميع مظاهر الاحتفال خلال العامين الماضيين، إلا أن لجنة الأعياد بدأت هذا العام بالتحضير الجدي، من خلال ترتيب العطاءات، وعقد اجتماعات أمنية مع الأجهزة المختصة، والتنسيق مع وزارة الصحة، والفنادق، ورجال الدين، والكنائس، بهدف إنجاح الفعاليات وإعادة الفرح إلى أبناء الشعب الفلسطيني.

في قلب الاحتفالات، برز صوت الكنيسة حاملاً رسالة روحية وإنسانية، تؤكد أن عيد الميلاد هذا العام في بيت لحم لا ينفصل عن واقع الألم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، وأن الفرح، رغم حضوره، يبقى منقوصًا ما دام الجرح مفتوحًا.

وأوضح الأب عيسى ثلجية راعي طائفة الروم الأرثوذكس بمدينة بيت لحم إن رسالة بيت لحم تنطلق هذا العام إلى العالم كله، رسالة محبة وسلام، مشيرًا إلى أن الشعور هذا العام مختلف بوجود شجرة الميلاد، ومشاركة أهلنا من أراضي الـ48، إلى جانب بعض الوفود السياحية التي جاءت لتشارك في فرحة ميلاد السيد المسيح وإضاءة الشجرة في مدينة بيت لحم.

وقال عيسى"نطلق رسالتنا من مدينة بيت لحم رسالة محبة ورسالة سلام لكل العالم، وشعورنا اليوم مختلف بوجود الشجرة، وبوجود أهلنا من أراضي الـ48، وبمشاركة بعض السياح الذين انضموا إلينا في فرحة ميلاد المسيح وإنارة الشجرة."

وأضاف الاب عيسى أن رسالة الميلاد هذا العام ليست مكتملة، إذ يرافقها حزن عميق بسبب معاناة أهلنا في قطاع غزة، موضحا "رسالتنا اليوم ليست مكتملة، فهناك حزن كبير بسبب أهلنا الذين يعانون في غزة، بسبب فقدان أبنائهم وأهاليهم، ووجود عائلات تعيش في الأسر، وأخرى تعيش في الخيام دون سقف."

وأكد عيسى أن الصلوات تُرفع من بيت لحم بشكل خاص من أجل غزة، مشددًا على أن الفرح الحقيقي لن يكتمل إلا بتحقق السلام.مؤكدا"نرفع صلواتنا اليوم من بيت لحم لأهلنا في قطاع غزة، هناك فرح، لكنه ليس مكتملاً، ولن تكتمل فرحتنا إلا حين نلتقي مع السلام والمحبة."

وأشار الأب عيسى إلى المكانة الفريدة لبيت لحم، باعتبارها مدينة ولادة السيد المسيح، ومركز أنظار العالم، موضحا ان"هذه الأرض المقدسة لا تشبه أي أرض أخرى، فمكان ولادة المسيح واحد وهو هنا في مدينة بيت لحم، ولذلك تتجه أنظار العالم إليها لتغليب رسالة النور والسلام."

واختتم في حديثه بالتأكيد على أن رسالة الميلاد هذا العام “هي رسالة صمود وصبر، لأننا بحاجة إلى أن نصمد على هذه الأرض المقدسة، وأن نواصل حمل هذه الرسالة إلى العالم.”

في ظل عودة أجواء الميلاد إلى مدينة بيت لحم، يعلّق العاملون في القطاع السياحي آمالًا كبيرة على هذه المناسبة، باعتبارها خطوة أولى نحو إنعاش الحركة السياحية والاقتصادية بعد فترة طويلة من الركود. 

وفي هذا السياق، قال دانيال حبيبة، العامل في قطاع السياحة بمدينة بيت لحم، إن المدينة بدأت تستعيد أجواء عيد الميلاد بعد انقطاع دام عامين بسبب الظروف الراهنة، مشيرًا إلى أن هذه العودة، رغم تواضعها، تبعث على الأمل.

 وأوضح أن أجواء هذا العام لا تشبه السنوات السابقة، لكنها تبقى أفضل مقارنة بالعامين الماضيين، معربًا عن أمله بأن تكون هذه السنة سنة فرح، وأن تعود الحركة السياحية تدريجيًا لتسهم في تعزيز اقتصاد المدينة كما كان في السابق.

وفي مشهد يعكس تفاعل المواطنين مع أجواء الميلاد، عبّرت يارا، وهي مواطنة قدمت من مدينة رام الله، عن سعادتها بزيارة بيت لحم والمشاركة في احتفالات عيد الميلاد بعد غياب دام عامين، مؤكدة أن اشتياق الناس لهذه الأجواء كان واضحًا. 

وقالت إن الزينة والفرحة في المدينة جميلة وتعكس حالة من الحماس والإقبال الشعبي، إلا أن هذا الفرح يبقى ممزوجًا بالحزن بسبب ما يعانيه أهل قطاع غزة، حيث تبقى الغصّة حاضرة في القلوب رغم الأجواء الاحتفالية، مضيفا وهي اتية الى مدينة بيت لحم لم يكن هناك  الحواجز المعتادة .

وفي إطار المشاركة الواسعة من مختلف المدن الفلسطينية، حضرت إلى بيت لحم وفود من الداخل الفلسطيني ايضا لإحياء عيد الميلاد في مدينة ولادة السيد المسيح، في مشهد يعكس وحدة المشاعر رغم اختلاف الجغرافيا.

وقالت رولا، القادمة من مدينة الناصرة، إن اختيارها الاحتفال في بيت لحم يحمل رمزية خاصة، كونها مدينة السلام ومكان ولادة الطفل يسوع، مشيرة إلى أن الاحتفال خلال العامين الماضيين كان صعبًا في ظل الظروف التي سادت.

وأضافت أن الأمل يرافق هذه العودة، متمنية أن يعم السلام جميع الأراضي والعالم بأسره، ليتمكن الناس من إحياء عيد الميلاد من جديد كما كان في السابق، باعتباره مناسبة تحمل رسالة سلام ومحبة لكل العالم.

وفي ختام المشهد الميلادي، بدت بيت لحم هذا العام مدينةً تجمع بين الفرح والألم، بين أضواء الشجرة وثقل الواقع. فعلى الرغم من عودة مظاهر الاحتفال بعد عامين من الغياب، بقيت رسالة الميلاد واضحة: سلامٌ نرجوه، ومحبةٌ نتمسك بها، وأملٌ لا ينطفئ رغم الجراح. ومن مهد السيد المسيح، وجّهت بيت لحم نداءها إلى العالم بأن يكون السلام هو العيد الحقيقي، وأن تبقى هذه الأرض المقدسة عنوانًا للصمود والنور مهما اشتدت الظروف.

شارك هذا الخبر!