بيت لحم / PNN - وسط تحديات الاحتلال وواقع إقتصادي واجتماعي صعب، تبرز مدينة بيت لحم هذا العام كرمز للصمود الفلسطيني، حيث حملت احتفالات أعياد الميلاد رسالة أمل للعالم.
وقال قال رئيس بلدية بيت لحم ماهر قنواتي، في لقاء خاص مع شبكة PNN، إن الشعب الفلسطيني يعيش "جسدًا واحدًا وألمًا واحدًا"، مضيفًا أن السنتين الماضيتين كانتا من الأعوام العجاف على فلسطين، وليس على أهل غزة وحدهم، إذ كان هناك ألم في كل بقعة من فلسطين.
وأوضح قنواتي أن ما حدث خلال هذه الفترة كان صادمًا ولم يسبق رؤيته من قبل من ظلم وشدة قهر، لكنه شدد على أن الفلسطينيين قالوا: "نحن نموت في غزة ولكن يجب أن نعيش في بيت لحم".
وأشار قنواتي إلى أن رسالة بيت لحم خلال أعياد الميلاد رسالة مهمة يجب أن تخرج للعالم، مؤكدًا أن إنارة شجرة الميلاد في السادس من كانون الأول وصلت إلى العالم كله، ومضمونها وصل إلى قلوب الناس، وهذا شيء مهم لنا كشعب فلسطيني حتى نبرر قضيتنا العادلة.
وتابع أن شعار المدينة هذا العام "استنيري يا بيت لحم فقد جاء نورك"، لم يكن شعارًا احتفاليًا فقط، بل رسالة أمل في لحظة خطيرة يتصاعد فيها الحديث عن السفر والهجرة، التي وصفها بأنها الأخطر في تاريخ القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن الهدف كان بث الأمل وتشجيع الناس على البقاء.
وأوضح قنواتي أن بيت لحم تعتمد بشكل أساسي على السياحة، وأن غيابها يدفع كثيرين للتفكير في الهجرة بحثًا عن سبل العيش، معتبرًا أن بيت لحم من دون أهلها لا تستطيع أن توصل رسالتها، لافتًا إلى الجهود المبذولة لإعادة تحريك القطاع السياحي، مشيرًا إلى أن 78 فندقًا أعادت فتح أبوابها، إلى جانب المطاعم والمحلات والمشاغل، ما أسهم في تحريك عجلة الاقتصاد المحلي.
وأضاف أن المدينة محاصرة بـ28 مستوطنة، و134 حاجزًا وبوابة حديدية تخنق الحركة، وأكد أنه لو كان الأمر بيد الفلسطينيين لهُدموا جدار الفصل العنصري وأزالوا كل العوائق، لكنه شدد على أن «نحن مصرون على البقاء في بلدنا والعمل على إيصال رسالتنا للعالم»، مؤكّدًا ثقته بأن ضمير العالم حي. وأشار إلى أنه خلال جولاته بدول عدة شاهد أن شعوب العالم تقف مع الفلسطينيين ومع العدل ومع إقامة دولة فلسطين.
وتحدث قنواتي عن الجهود التي بذلتها بلدية بيت لحم بالتعاون مع وزارة السياحة، ممثلة بوزيرها، لإطلاق حملة "يلا على بيت لحم"، مشددًا على أن الترويج شمل كل المحافظة وليس المدينة فقط.
وأشار إلى جوهرها من أماكن تاريخية ودينية نفتخر بها كفلسطينيين، موضحًا أنهم كانوا حاضرين في كل المناطق المهمة للترويج لبيت لحم على نطاق أهالي 48 وعلى نطاق عالمي.
وأضاف أن الوزارة نظمت جولات سياحية شملت الدبلوماسيين وزيارة كنيسة المهد وشوارع البلدة القديمة، في رسالة موحدة مفادها أن المؤسسات تعمل يدًا واحدة، لتعزيز صمود أهالي بيت لحم.
وقال قنواتي إن هذا العمل مستمر للتأكيد على أن كل ما يحدث في بيت لحم وكل المناطق الفلسطينية واضح للعالم، وأن مهمتهم نقل الصورة الكاملة وعدم ترك المواطن الفلسطيني وحيدًا أمام المغادرة والهجرة.
وأوضح أن لقاءه مع بابا الفاتيكان تضمن عرض كل ويلات الاحتلال والمستوطنات والبوابات الحديدية والسواتر الترابية، مؤكدًا أن رد الفعل كان متعاطفًا، وأن رسالة البابا التي قُرئت أثناء إنارة شجرة الميلاد أكدت وقوفه مع حقوق الشعب الفلسطيني، مسيحيين ومسلمين، وأنه يرى أن كل شعوب العالم والقيادات العادلة كلها مع القضية الفلسطينية.
وأضاف أن العلاقة مع الفاتيكان مستمرة، وأن أي ما يتعرض له الشعب الفلسطيني يتم رفعه في تقارير ونقلها لكل العالم ومن خلال الشبكات الإعلامية، مؤكّدًا أن هدف ذلك الوصول إلى قلوب القادة السياسية لتحقيق السلام في أرض السلام.
وتابع قنواتي أن اللقاء مع السفير الأميركي لدى الاحتلال مايك هاكابي كان مسجلًا وموثقًا، وقال إنه ناقشه بشكل كامل حول قضايا الاستيطان والأراضي الفلسطينية، مستعرضًا المستوطنات وخريطة الحواجز والبوابات، وملف الأسرى وقرار مجلس الأمن 2234 الذي يدين الاستيطان، مؤكدًا أن الهدف من اللقاء كان إيصال الرواية الفلسطينية حتى لمن يختلف معهم، وأن الرسالة من بيت لحم وصلت إلى السفير ليطلق بدوره تصريحًا بأن المدينة آمنة ودعا الناس لزيارتها، ما كان له صدى كبير في الولايات المتحدة.
وأشار قنواتي إلى أن أسواق الميلاد وفعاليات الاحتفال ساهمت في تعزيز الاقتصاد وإدخال الفرحة لقلوب المواطنين، خصوصًا الأطفال، مضيفًا أن تعزيز فرح الأطفال يعني تعزيز صمود المواطنين.
وقال إن البلدية كانت مترددة في البداية خشية غضب الشارع، لكن الحافز الداخلي كان أقوى لإرسال رسائل لكل العالم، مؤكدًا أن نحو 6000 رسالة إيجابية وردت بعد قرار إضاءة الشجرة، ما عزز تنظيم الفعاليات اليومية في المدينة وانتشار صورتها عالميًا.
وأوضح قنواتي أن الفعاليات تضمنت إطلاق رسالة دعم والإفراج عن القائد الأسير مروان البرغوثي، وتسليط الضوء على ملف الأسرى والاعتقال الإداري الذي يتنافى مع حقوق الإنسان، لا سيما بعد حرب الإبادة على غزة، مؤكدًا أن أي رسالة من بيت لحم هي من قلب كل فلسطيني.
ووجه قنواتي، في ختام حديثه رسالة إلى الفلسطينيين في غزة وسائر أنحاء فلسطين، دعا فيها إلى المشاركة في احتفالات أعياد الميلاد في بيت لحم، مؤكدًا جاهزية المدينة وفنادقها وشوارعها لاستقبال الزوار.