الشريط الاخباري

أقول للحركة الصهيونية ودولة إسرائيل أفيقوا من سباتكم قبل فوات الأوان بقلم منيب رشيد المصري

نشر بتاريخ: 20-09-2021 | أفكار
News Main Image

لا أعتقد بأن "دولة الاحتلال"، باعتقالها الأبطال الستة الذين انتزعوا حريتهم من سجن جلبوع قد أسدلت الستار على فضيحتها، وواهم من يعتقد ذلك، فإن إصرار هؤلاء على انتزاع حريتهم من أكثر سجون الاحتلال تحصيناً، لا يثبت فقط أن هذه الدولة، التي جاءت من رحم إعلان بلفور الغير أخلاقي والغير قانوني، تستطيع أن تثني الشعب الفلسطيني عن طلب استقلاله وحريته، بل أيضا يًثبت بأن الاحتلال كمنظومة متكاملة لن يقدر أن يبقى إلى الأبد يسجن الشعب الفلسطيني في معازل سكانية سواء في الضفة الغربية بما فيها القدس أو في قطاع غزة، أضف إلى ذلك لن يرضى الفلسطينيين في الشتات أن يبقوا حبيسي الرفض الإسرائيلي لقرار عودتهم إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها.

سأكرر ما قلته مراراً لدولة الاحتلال أفيقوا من هذا الثبات العميق، وانظروا حولكم كيف تتغير الأوضاع العالمية التي لا شك أنها الآن في صالحكم، ولكن بكل ايمان أقول لكم بأن هذا الحال لن يدوم، مهما أمعنتم في سياساتكم الهادفة إلى محو حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ستفشلون لأن صيرورة التاريخ هكذا تمضي.

لا يمكن أن يستمر هذا الصراع إلى الأبد، ولا يمكن أن يتخلى الشعب الفلسطيني عن حقوقه المشروعة، وأنا عايشت النضال الفلسطيني والنكبة منذ أن كنت طفلاً صغيرا وحتى هذه اللحظة، ومجموع الخبرات والدروس التي اكتسبتها من هذا الصراع، ابتداءً من إعلان بلفور المشؤوم في 2 نوفمبر 1917 وإقامة "دولة إسرائيل" على أنقاض المجتمع الفلسطيني، ومن ثم احتلال ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية عام 1967، مروراً بكل مراحل المقاومة والوصول إلى أوسلو وما آلت اليه الأمور حتى يومنا هذا بكل ما تحمله من معاناة، أقول أن أفضل الحلول هي أن تتراجع الحركة الصهيونية عن فكرها العنصري الإقصائي والذهاب باتجاه المساهمة في إحلال الأمن والسلم العالميين.

أقول للحركة الصهيونية، ووليدتها "دولة إسرائيل" لا يمكن أن تستمروا في سجن الشعب الفلسطيني وسلب حقوقه، ومن معرفتي وخبرتي بهذه الحركة فإنها تنظر فقط إلى مصالحها، غير آبهة بمصلحة يهود العالم، الذي منهم الداعمين للحق الفلسطيني من منطلق أن الوصول إلى حل تاريخي مع الفلسطينيين حتماً سيفضي إلى وقف دوامة العنف والدماء في فلسطين والمنطقة بشكل عام والتي سببها وعد بلفور المشؤوم، ويؤسس لعيش مشترك بين الجميع في فلسطين التاريخية.

نحن الفلسطينيين كنا ولا زلنا طلاب سلام، ومقاومتنا على اختلاف اشكالها ومراحلها تستند إلى الأخلاق و الحق والقانون، ووجودنا على أرض فلسطين التاريخية له جذور عميقة، وكل الدلائل تؤكد على حقنا الطبيعي والتاريخي في هذه الأرض، التي مر عليها الف غازي والف فاتح، جميعهم ذهبوا وبقيت الأرض وبقي الشعب الفلسطيني يحمي قصته السردية المدعمة بحقائق لا يمكن دحضها، على عكس الخرافات الدينية والتاريخية التي نسجتها الحركة الصهيونية لإثبات حقها الباطل في هذه الأرض، ولكن ورغم ذلك نحن نقول بأننا على استعداد للدخول في حل تاريخي يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ولا ينقص من حقوق الآخرين الموجودين على هذه الأرض، وأقول ذلك لأثبت أننا كشعب فلسطيني لا نقابل الحقد بالحقد والمؤمرات بالمؤامرات، كما فعلت الحركة الصهيونية عندما التقت مصالحها مع مصالح بريطانيا الاستعمارية وصاغوا معاُ وعلى مدار (18) شهراً كلمات وعد بلفور والتي اعتبرت الفلسطينيين، وهم السكان الأصليين وكانوا وقتها يشكلون قرابة 95% من مجموع سكان فلسطين التاريخية، اعتبرتهم أو نعتهم بطريقة عنصرية قذرة "الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين".

لا شك بأن هجوم السلام الفلسطيني الذي تم الإعلان عنه خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1988، وكنت أنا بحكم عضويتي في المجلس الوطني والمجلس المركزي للمنظمة جزءاَ منه، فتح الطريق أمام تجسيد حل الدولتين على أرض الواقع، وأعلم وبحكم علاقتي الشخصية مع الراحل الشهيد الرمز ياسر عرفات أنه كان مؤمناً بأن الاعتراف بقراري 242 و 338، والدخول في مؤتمر مدريد للسلام، وبعدها توقيع أوسلو وما تلا ذلك سوف يعزز النضال الوطني الفلسطيني، ويضع العراقيل أمام وعد بلفور وأمام أحلام الحركة الصهيونية في إقامة دولتها من النيل إلى الفرات، ونحن على خطى الراحل الشهيد ياسر عرفات وعلى خطى الرئيس أبو مازن في السعي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس، ويمكن أن يكون هذا الحل مرحلي يؤسس لدولة ديمقراطية واحدة تتسع للجميع على أرض فلسطين التاريخية.

أقول لدولة الاحتلال لا تفرحي كثيراً بإعادة اعتقال أبطال ملحمة الهروب من سجن جلبوع، فهؤلاء انتزعوا حريتهم بيدهم، وأعتقد جازماً بأن الشعب الفلسطيني الذي تعداده وصل إلى (15) مليون شخص، موزعين في كل دول العام نتيجة لوعد بلفور والمجازر الصهيونية، يعتبرون هؤلاء الابطال قدوتهم في انتزاع حقهم من الحركة الصهيونية، فلن يقبل هذا الشعب أن يبقى مشرداً، لذلك أقول للحركة الصهيونية ودولة إسرائيل ولكل من يقف إلى صفهم أفيقوا من سباتكم قبل فوات الأوان، ولنذهب سوياً في طريق السلام العادل والشامل والحقيقي الذي يؤسس لمستقبل مشرق للأجيال القادمة، فكما وحد وباء كورونا العالم، لنجعله طاقة فرج فُتحت من أجل إعادة التفكير في مستقبل آمن لأطفالنا وأحفادنا على أرض فلسطين ملتقى الحضارات، وأرض السلام.

شارك هذا الخبر!