الشريط الاخباري

الصراع يدخل مرحلة جديدة .. عناصره وتداعياته بقلم: سمير عباهره

نشر بتاريخ: 24-05-2021 | أفكار
News Main Image

بقلم: سمير عباهره

توقف العدوان الاسرائيلي على شعبنا الفلسطيني بعد ان استمرت الحرب ما يزيد على العشرة ايام خلفت وراءها الكثير من الركام والحطام ووضعت المنطقة على اعتاب مرحلة جديدة من المفترض ان يتم تحليل مجرياتها ونتائجها بدقة متناهية والبحث في الاسباب بل ومعالجة الاسباب التي لا زالت كامنة وراء الحروب والتصعيد لنجد ان الجواب بسهولة هو في عدم حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه بطرد الاحتلال الاسرائيلي من اراضيه التي احتلها في الرابع من حزيران عام 1967 واقامة دولته المستقلة.

تدخل الاطراف الدولية لانهاء الحرب تاكيد على انها احدثت ازمة دولية ربما تشكل تداعياتها خطرا على بيئة النظام الدولي ككل وتتأثر به قطاعات واسعة وكشفت الحرب عن عمق ازمة الشرق الاوسط موضحة ان الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والموقف الغربي منه والذي تراجع بشكل ملحوظ لصالح اسرائيل هو احد اسباب الازمة القابلة لتفجر اكثر والتي سيكون لها انعكاسات استراتيجية فيما لو تم تجاهل الاسباب التي جعلت العالم يقف على رجليه وينادي بضرورة توقف الحرب وبات المطلوب ان تسهم هذه الحرب في احداث تغيير في طبيعة المناخ السياسي في الشرق الاوسط وان تلعب دورا محوريا في ضرورة تسريع تسوية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي.

صحيح ان الحرب لم تكن متكافئة بمعطياتها العسكرية والسياسية اذ ان اسرائيل تمثل قوة عظمى من الناحية العسكرية وتمتلك الة عسكرية ضخمة استخدمتها في تدمير البنية التحتية في القطاع عدا عن التغطية السياسية والاعلامية التي وفرها لها المجتمع الدولي باعلان العديد من القوى العالمية وقوفها الى جانب اسرائيل في حربها وتصوير اسرائيل على انها الضحية وان الشعب الفلسطيني هو المعتدي. وبخلاف الة الحرب العسكرية الاسرائيلية المتطورة فان الفلسطينيون يمتلكون قوة الحق وعدالة قضيتهم وتشكلت معادلة جديدة برزت في هذه الحرب وادخلت الصراع منعطفا جديدا بشكل واضح ويعززها الكثير من الوقائع والحقائق على الأرض وهي ان الاسرائيليون يحبون الحياة والفلسطينيون يعشقون الموت والشهادة وهذه معادلة يجب على المجتمع الدولي ان يفهمها جيدا بانها شكلت وتشكل نقطة تحول في موازين الصراع واعادة تموضعه دوليا.

ويستحضرنا هنا ايضا الاشارة الى عنصر جديد دخل مجريات الصراع لاول مرة واحدث نوعا من التوازن وهو الموقف الشعبي العربي والدولي والجموع الغفيرة التي احتشدت وتوجهت الى حدود فلسطين لنصرة القضية الفلسطينية هذا اضافة الى خروج عشرات الالاف في شتى بقاع الارض في احتجاجات على ما يجري من قمع لآلة الحرب الاسرائيلية للشعب الفلسطيني وهكذا كان الموقف الشعبي العربي والاسلامي عوضا عن الموقف الرسمي الذي كان غائبا تماما لافتقاره الى مقومات الضغط كليا.

ثمة عنصر مهم وفاعل اقلق اسرائيل وجعلها تعيد حساباتها وهو دخول فلسطينيي 48 على خط المواجهة مع دولة الاحتلال الامر الذي اطلق صافرة الانذار في اسرائيل وادركت اسرائيل ان هذا التحرك ربما يشكل المخزون الاستراتيجي الداعم للفلسطينيين في صراعهم بحكم ان هذا التحرك الشعبي اعاد رسم ملامح الهوية الوطنية الفلسطينية لفلسطينيي الداخل الذين اصبحوا يشكلون ثقلا سياسيا بدت ملامحه تظهر منذ الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية واصبح الفلسطينيون يشكلون قوة سياسية بعد حصدهم العديد من المقاعد البرلمانية.

ولا بد ايضا من الاشارة الى ان هذه الحرب كشفت ايضا عن ازمة الديمقراطية الغربية وما يسمى بحقوق الانسان والقانون الدولي والتي باتت كلها بحاجة الى تعريف جديد فالديمقراطية التي يتغنى بها الغرب لا تعني تأييد الدولة المعتدية التي تحتل اراضي الغير وتعتدي على شعبها وعلى ممتلكاته وترفض الاعتراف بحقوقه بما يكفله القانون الدولي الذي بات مغيبا تماما عندما يتعلق الامر بالقضية الفلسطينية بينما يتم تفعيله في مناطق اخرى من العالم عندما يتقاطع الامر مع مصالح الدول التي تتحكم في فرض القانون الدولي من عدمه وهنا يدفعنا الحديث الى غياب بعض القوى العظمى خلال الازمة الاخيرة والتي كان من المفترض ان تساهم في حفظ التوازنات الدولية في منطقة تشوبها الصراعات واعني موقف روسيا الذي بقي بعيدا عن استخدام قوتها السياسية والتي تدخل في اطار سياسة التكتلات والمحاور فــ روسيا لها مصالح في المنطقة من المفترض ان تكون قريبة منها وان يكون لها موقف قوي وواضح حيال الصراع.

الحرب الاخيرة نقلت الصراع من مربع مهم الى مربع اكثر اهمية ومن الضرورة ان تدرك اسرائيل جيدا ان الصراع لن يحسم عسكريا بحكم ان مقترحات السلام "البعيدة المدى" لا زالت قائمة لكن اسرائيل ارادت عرض عضلاتها من خلال حملاتها العسكرية واعتقادها ان القوة تذيب الفوارق السياسية واعني الحق السياسي الفلسطيني في اقامة الدولة الفلسطينية وهذا الحق يتجاوز كل تلك المفاهيم التي تتشبث بها اسرائيل وقد ادركت الولايات المتحدة حجم التدهور الحاصل في الاوضاع الذي بات يقلق الادارة الامريكية التي تخشى من اندلاع ازمة جديدة في المنطقة بعد دخول عناصر جديدة على الصراع فعملت على حقن الصراع بالمهدئات وسحب الاطراف عن "حافة الهاوية".

شارك هذا الخبر!