غزة/PNN-حذر خبراء وممثلو منظمات المجتمع المدني ومؤسسات القطاع الخاص من الزيادة السكانية المطردة في ظل النقص الكبير والمتسارع في الموارد وعدم السيطرة عليها إضافة إلى استمرار الحصار الإسرائيلي والانقسام السياسي لأكثر من 15 عاما، وتحكّم الاحتلال الإسرائيلي في كافة مناحي الحياة.
جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمتها شبكة المنظمات الأهلية لعرض ورقة أعدها الباحث المهندس مأمون بسيسو بعنوان "العلاقة بين النمو السكاني في قطاع غزة والتحديات للقطاعات المختلفة والحلول الممكنة"، وذلك بالشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في قاعة "اللايت هاوس" في مدينة غزة وأكد المشاركون على أهمية تنسيق الجهود ووضع الخطط لتمكين مؤسسات المجتمع المدني للقيام بواجبها الطليعي بدلا من تضييق الفضاء المتاح لها من أجل المساهمة في وضع الحلول لقضايا المجتمع.
وتطرق بسيسو في ورقته إلى العديد من القضايا الاقتصادية والاجتماعية ذات الصلة بالكثافة السكانية مع وضع توصيات جرى نقاشها خلال الورشة، وكذلك توصيات خاصة بالتركيز على القطاعات ذات القيمة العالية مثل القطاع الزراعي والصناعي، وقطاع تكنولوجيا المعلومات، والتدريب المهني والتمكين الاقتصادي للشباب والمرأة.
وافتتح مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا الورشة مبينا أن الوقت الذي يمر فيه قطاع غزة صعب جدا، خاصة في ظل استمرار الاحتلال في فرض حصاره على قطاع غزة والدمار الذي لحق بالبنية التحتية الاقتصادية والبيئية نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة وعدم البدء في عملية الإعمار لمختلف القطاعات.
وقال الشوا إن قطاع غزة أحد أكثر أماكن العالم اكتظاظا من حيث الكثافة السكانية والتي تبلغ 5936 نسمة/كم2 وبات من الواضح أن المؤشرات في غزة تنذر بكارثة تتعاظم مع مرور الوقت وذلك لعدم كفاية الموارد القليلة لسد حاجات السكان من الخدمات الأساسية.
وأشار الشوا إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر، إذ أن 85 في المئة من سكان القطاع يحتاجون إلى مساعدات، فيما يُعاني 64% من سكان قطاع غزة من انعدام الأمن الغذائي، مؤكداً على أهمية البحث عن حلول مستدامة لمواجهة التحديات التي يواجهها السكان في قطاع غزة. بدوره، قال مدير البرامج في مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية أسامة عنتر إن "الشراكة مع شبكة المنظمات الأهلية هذا العام تحاكي وضع مجموعة من المؤشرات لمستقبل أفضل لقطاع غزة." وأكد عنتر على أن الزيادة السكانية المهولة في قطاع غزة قد تشير إلى أزمة حقيقية كما يراها البعض، فيما تمثل المصدر الأساسي عند بعض الدول، إذا ما تم توجيه وتوظيف طاقاته بشكل صحيح وسليم. واعتبر بسيسو في ورقته أن الأمور في قطاع غزة تزداد تعقيداً بسبب الزيادة السكانية المطردة وذلك في ظل اضمحلال الموارد بشكل متسارع وعدم السيطرة عليها، إضافة إلى استمرار الحصار والانقسام لأكثر من 15 عاما، ناهيك عن تحكم الاحتلال الإسرائيلي في كافة مناحي الحياة وهذا ما دفع الأمم المتحدة للإعلان عن قطاع غزة أنها منطقة غير قابلة للحياة بحلول العام 2020. ولفت إلى أن هناك زيادة كبيرة مطردة على طلب الوحدات السكنية سواء نتيجة الزيادة الطبيعية أو بسبب تدمير الوحدات السكنية في الحروب إضافة إلى زيادة كبيرة في حالات الفقر والهشاشة المجتمعية وحاجة هذه الفئات الهشة لمأوى لائق. إلا أن سوء الأوضاع الاقتصادية أضعفت القوة الشرائية للمواطنين خصوصا أن أسعار مواد البناء قد ارتفعت بشكل كبير بسبب الحصار وعدم توافر المواد الخام مما أدى إلى عزوف المستثمرين عن الاستثمار في قطاع الإسكان بسبب المخاطر المرتفعة. وأوضح أن الاقتصاد في قطاع غزة " ما يزال في المنطقة السالبة تحت الصفر منذ أكثر من 5 سنوات وقد وصل إلى أدنى مستوى بعيد العدوان الأخير. فيما بلغ معدل البطالة بين المشاركين في القوى العاملة (15 سنة فأكثر) في عام 2021، 47% في قطاع غزة وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل 230 ألف شخص في قطاع غزة. وأكد على الحاجة الماسة لبناء المزيد من المدارس لاستيعاب الزيادة المطردة في عدد الطلاب نتيجة النمو السكاني إضافة إلى ضرورة تقليص الفترات المسائية وهذا يتطلب توفير قطع مناسبة من الأراضي الأمر الذي يشكل معضلة كبيرة بالإضافة إلى توفير التمويل اللازم للبناء. وحسب إفادة وزارة التربية والتعليم في غزة فإن الزيادة السنوية في بناء المدارس لاتتناسب بل أقل بكثير من زيادة عدد الطلاب سنويا وبهذا تصبح الفجوة متسعة وينشأ عنها تكديس الطلاب في الفصول واللجوء إلى زيادة الفترات الدراسية للمدرسة الواحدة. وأضاف أن "اللافت للنظر أنه وعلى الرغم من زيادة عدد طلاب الثانوية والذي يستدعي زيادة عدد الطلاب في الجامعات، إلا أن هناك تناقص في أعداد الملتحقين بمؤسسات التعليم العالي وذلك بسبب عدم القدرة على تغطية رسوم الدراسة أو القناعة بأن التعليم العالي لن ينتج وظيفة لائقة ذات مصدر دخل وذلك لارتفاع معدلات البطالة بين الخريجين والتي تصل إلى 74% بين الخريجين في قطاع غزة.". وأشار بسيسو إلى "أزمة الكهرباء في قطاع غزة فمنذ سنين طويلة وما تزال مستحكمة حيث يحصل المواطن في أحسن الحالات على كهرباء بشكل جزئي ضمن برنامج 8 ساعات وصل و8 ساعات قطع. معتبراً أن "أزمة الكهرباء ليست فنية بل هي سياسية بامتياز، فقد تعززت الأزمة بسبب الانقسام ورغم صرف ملايين الدولارات على شراء السولار إلا أن الأزمة لم تجد طريقها للحل وكان من الممكن إنشاء محطة كهرباء جديدة بدلا من السولار الصناعي القطري الذي تم حرقه خلال عقد من الزمن دون تقديم حل مستدام". وحول قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، قال بسيسو إن "هذا القطاع يعاني بسبب الحصار من صعوبة إدخال الأجهزة ومعدات الاتصال والشبكات مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاتصالات في غزة ما تزال تعمل على تقنية الجيل الثاني (G2) التي عفا عليها الزمن، في حين أن الاحتلال قد سمح في الضفة الغربية باستخدام تقنية الجيل الرابع (G4) بينما تعمل الشركات الإسرائيلية على تقنية الجيل الخامس (G5). وفيما يتعلق بقطاع لحماية الاجتماعية، قال إن وزارة التنمية الاجتماعية بالتعاون مع المانحين الرئيسيين تشرف على تنفيذ سلسلة من التدخلات في سياق مكافحة الفقر والحماية الاجتماعية للفئات الهشة. إلا أن هذا التمويل لم يساهم في خفض معدل الفقر والهشاشة المجتمعية والتي تزداد سوءً عاما بعد عام.