بقلم: سمير عباهرة
شن المستوى السياسي والإعلامي الالماني هجمة على الرئاسة الفلسطينية وتناغم معها الاعلام الاسرائيلي والمستوى السياسي في اسرائيل على خلفية فهم خاطئ لموقف الرئيس الفلسطيني عندما طلب منه ادانة عملية ميونخ التي نفذها مجموعة من الكوماندوز الفلسطيني ضد رياضيين اسرائيليين عام 1972 خلال المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع المستشار الالماني شولتز اثناء زيارته لالمانيا فكان رد الرئيس الفلسطيني الى ان هناك جرائم اسرائيلية ترتكب بحق الشعب الفلسطيني " وأن تقويض حل الدولتين وتدمير حدود عام 1967 من الجانب ألإسرائيلي وتحويله إلى واقع الدولة الواحدة بنظام الأبارتهايد، لن يخدم الأمن والاستقرار في منطقتنا" مما اثار حفيظة المستشار الالماني شولتز على استخدام كلمة "ابارتهايد" ورفضه استخدام هذا المفهوم لوصف العلاقة بين اسرائيل وفلسطين.
الرئاسة الفلسطينية اصدرت بيانا اكدت فيه ان "الرئيس محمود عباس يعيد التأكيد على أن الهولوكوست أبشع الجرائم التي حدثت في تاريخ البشرية الحديث". واكد البيان ان"المقصود بالجرائم التي تحدث عنها الرئيس محمود عباس، هي التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني منذ النكبة على أيدي القوات الإسرائيلية، وهي جرائم لم تتوقف حتى يومنا هذا".
لكن ورغم ذلك استمرت ردود الفعل الاعلامية الالمانية والإسرائيلية في هجومها على القضية الفلسطينية مصحوبة بتحريض واسع ضد الرئيس الفلسطيني ويمكن القول ضد كل ما هو فلسطيني وبدا واضحا ان القضية الفلسطينية هي المستهدفة فهل مطلوب من الفلسطينيين ان يستسلموا ويسلموا بحقوقهم التاريخية التي تنتهك اما عين العالم "الحر" والذي ينادي بالديمقراطية وحقوق الانسان عندما تتقاطع مصالحه معها وتختفي هذه المفاهيم في بقاع اخرى من الارض وتحديدا في فلسطين عندما يطالب الفلسطينيون بحقوقهم فعندها تغيب تلك المفاهيم.
ردود الفعل الالمانية صاحبها سلوكيات معادية للقضية الفلسطينية من جهة ومكافئة للتطرف الاسرائيلي الذي يستبيح الارض الفلسطينية وتعزيز التحركات السياسية للحكومة الاسرائيلية ويبقى هذا الموقف قراءة غير موفقة خارج النص بحكم انه شرع في تلبيد الاجواء السياسية ويعمل على انتاج مناخا جديدا معاديا للقضية الفلسطينية في اوروبا ويعمل على دفع المشكلة الفلسطينية الى هامش الاجندة الاقليمية والدولية وهذا يعززه الكثير من الوقائع والحقائق بتراجع الاهتمام الاوروبي في العمل والمساهمة على تسوية الصراع وممارسة الضغوط على اسرائيل للامتثال لقرارات الشرعية الدولية وكان الاجدر بألمانيا تهيئة المناخ لخطوات افضل في المستقبل. الرئيس الفلسطيني ارسل رسالة واضحة لاوروبا والعالم اجمع بان القضية الفلسطينية لا يمكن النزول بها وفق الاجندة الاوروبية المتناغمة مع الموقف الاسرائيلي وان التراجع الحاصل في السياسة الاوروبية تجاه الفلسطينيين يجب ألا يبقى في اطار المواقف التسويقية.
فاذا كان المستشار الالماني شولتز قد أقر في مؤتمره الصحفي بأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يمكن حله إلا عبر المفاوضات، مؤكدا أن حل الدولتين يقوم على حدود عام 1967 فان هذه المواقف يجب ان تنتقل من مرحلة الاقوال الى مرحلة الافعال.
لم نتهم اسرائيل جزافا بممارساتها وسياستها تجاه الاراضي الفلسطينية فالتوثيق حاضرا بقوة في كافة انتهاكاتها واعتداءاتها لكن موازين القوى الدولية هي المعيار الذي اصبح يحكم المواقف السياسية.