بيت لحم – حسن عبد الجواد - قال معهد البحوث التطبيقية / اريج، في تقريره السنوي حول الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة للعام 2022، ان اسرائيل ماضية دون هوادة في أوسع حملة استيطانية تشهدها الأراضي الفلسطينية، لكسب الوقت لصالح البناء الاستيطاني، من خلال المماطلة في ابرام اية اتفاقية سلام مع الفلسطينيين.
هذا بالإضافة الى ارتكاب الجرائم بحق المواطنين الفلسطينيين ومنازلهم وممتلكاتهم ومصادرة اراضيهم والسيطرة عليها تحت ذرائع عدة ابتدعتها منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967، وذلك في ظل التنديد الدولي للنشاطات الاستيطانية الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
كما كان لانتهاكات واعتداءات المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، اثرا كبيرا على الفلسطينيين وحياتهم اليومية، اذ أصبحت هذه الاعتداءات جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للفلسطينيين، وخاصة أولئك القاطنين بمحاذاة المستوطنات والبؤر الإسرائيلية.
ولفت التقرير الى ان نتائج الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، خاصة مع فوز الجماعات اليمينية المتطرفة في الانتخابات الأخيرة، وقرب تشكيل ائتلاف حكومي إسرائيلي جديد، معظمه من أعضاء اليمين المتطرف أو ما يعرف "بتحالف "الصهيونية الدينية"، بقيادة بنيامين نتنياهو، الذي قدم تنازلات سياسية كبيرة للأحزاب اليمينة الأخرى من أجل العودة لسدة الحكم من جديد، منها: تحالف "الصهيونية الدينية" بزعامة بتسلائيل سموتريتش، والذي سيكون مسؤولا عن الإدارة المدنية ومنسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وسيطرة اليميني المتشدد ائتمار بن غفير على جهاز الشرطة الاسرائيلية.
وبالإضافة الى هذه التنازلات السياسية، فان هذه الأحزاب السياسة تجمع بينها أيضا الكثير من القواسم المشتركة، وعلى وجه الخصوص في مواقفها المتشددة والعنصرية من الفلسطينيين والبناء الاستيطاني، وسياسات الهدم والعقاب الجماعي والاغلاقات وملاحقة الفلسطينيين والاغتيالات ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية المحتلة، وضم منطقة غور الأردن وغيرها من الملفات.
التوسع الاستيطاني خلال العام 2022وجاء في التقرير السنوي لمعهد اريج، إن العام 2022 شهد تزايدا ملحوظا في عدد المخططات الاستيطانية الصادرة من قبل الجهات الاسرائيلية المختصة لتوسيع المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. وتأتي هذا المخططات في ظل المساعي الحثيثة لحكومة الاحتلال الاسرائيلي للسيطرة على المزيد من الاراضي الفلسطينية، وفرض الوقائع على الارض والتي تتمثل ببناء وتوسيع المستوطنات وشرعنة البؤر الاستيطانية، وشق المزيد من الطرق الالتفافية وغيرها من المنشآت الاستيطانية، وبالتحديد على المناطق المصنفة "ج" في الضفة الغربية المحتلة، حيث مناطق "ج" تشكل حوالي 61% من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
وبين التقرير، ان حكومة الاحتلال الاسرائيلي ممثلة بوزارتها المختلفة (دائرة أراضي إسرائيل، ووزارة البناء والاسكان الاسرائيلية، ووزارة الداخلية الاسرائيلية وبلدية القدس الاسرائيلية) أصدرت 158 مخططا استيطانيا للبناء والتوسع في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، استهدفت 78 مستوطنة اسرائيلية.
هدم 895 منزل و منشاة في الضفة والقدس
وذكر التقرير: "ان سلطات الاحتلال قامت خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، بحملة منهجية لهدم منازل الفلسطينيين في الاراضي المحتلة، مع التركيز بصفة خاصة على القدس الشرقية. وعقب التوقيع على اتفاقية أوسلو الثانية في العام 1995، صعدت اسرائيل من حملتها ضد منازل الفلسطينيين، وبخاصة تلك الواقعة في المناطق المصنفة، بمناطق "ج" (وفقا لاتفاق أوسلو والتي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة) تحت ذريعة ان هذه المنازل تم بنائها دون ترخيص صادر عن السلطات الاسرائيلية المختصة".
وفي أعقاب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (انتفاضة الأقصى)، صعدت اسرائيل من حملتها ضد منازل الفلسطينيين، فوصلت إلى مستويات لم يسبق لها مثيل، وكثفت من البناء الغير القانوني في المستوطنات والبؤر الاستيطانية الإسرائيلية، في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما في القدس الشرقية. وعلاوة على ذلك، فرضت الإدارة المدنية الإسرائيلية شروطا مرهقة على الفلسطينيين المتقدمين لاستصدار تراخيص بناء في أراضيهم الواقعة في مناطق (ج)، وحرمت بلدية القدس الإسرائيلية الفلسطينيين من البناء والتطور في مدينة القدس، وفرضت عليهم رسوم باهظة الامر الذي دفع بالفلسطينيين البناء من دون ترخيص بسبب حاجتهم الماسة الى المسكن لمواكبة الزيادة السكانية.
وخلال الفترة الواقعة ما بين شهر كانون الثاني من العام 2022 وحتى نهاية شهر كانون أول من العام 2022، قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، في إطار تطبيق لسياسة العقاب الجماعي، بهدم 302 منزلا في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس الشرقية المحتلة، حيث كانت كل من محافظات القدس وأريحا والخليل (على التوالي) من بين الأكثر المحافظات تأثرا من حيث عدد المنازل التي تم هدمها.
علاوة على ذلك، قامت سلطات الاحتلال بهدم 593 منشأة تجارية وحيوانية وصناعية في الضفة الغربية المحتلة، حيث كانت كل من محافظات الخليل والقدس وبيت لحم على التوالي من بين أكثر المحافظات تأثرا من حيث عدد المنشآت التي تم هدمها خلال العام 2022.
وتظهر الأرقام المرفقة الحملة العنصرية الممنهجة بقيادة بلدية الاحتلال الاسرائيلي في القدس الشرقية المحتلة ضد الفلسطينيين، تحويل اسرائيل وجهتها الى القدس بقصد الانتقام والقضاء على الوجود الفلسطيني، وتثبيط الروح المعنوية للضغط على الفلسطينيين للرحيل من مدينتهم، في الوقت الذي تكثف فيه من البناء الاستيطاني في المدينة وطرح مخططات استيطانية جديدة، هذا بالإضافة الى شبكة من الطرق الالتفافية الجديدة التي تنوي بلدية الاحتلال تنفيذها في المدينة، والتي من شأنها أن تقلب الموازين الجغرافية والديموغرافية، وخلق واقع مرير على الفلسطينيين يصعب تغييره وتقويض لحل الدولتين.
1525 حالة اعتداء خلال العام 2022
وفي ظل انشغال العالم في الازمة الروسية-الأوكرانية وتوجه الأنظار نحوها، كثف المستوطنون الإسرائيليون من نشاطاتهم الاستيطانية وعربدتھم بحق المواطنين الفلسطینیین وممتلكاتهم، حیث سجل معھد الابحاث التطبيقية – القدس (أریج) 1525حالة اعتداء خلال العام 2022 من قبل المستوطنين الإسرائیلیین في مختلف مناطق الضفة الغربية المحتلة، شملت الاعتداء الجسدي واللفظي التي استهدفت الاطفال والنساء والرجال، ھذا بالإضافة الى الاعتداء على الاشجار المثمرة والمحاصيل الزراعية، والاقتحامات المتكررة للاماكن التاريخية والدینیة وخاصة المسجد الاقصى المبارك في مدینة القدس المحتلة وتدمير ممتلكات الفلسطینیین من منازل وسيارات ومرافق تعليمية و الاعتداء على شواھد القبور واغلاق طرق، كذلك الاستيلاء على اراضي الفلسطینیین والبناء عليها، بهدف السيطرة لصالح البرنامج الاستيطاني الشرس.
اقتلاع وتجريف وحرق ما يزيد عن 12,500 شجرة مثمرة
ويتعرض الفلسطينيون العاملون في القطاع الزراعي، الى حملة إسرائيلية شرسة وممنهجة تستهدف أراضيهم الزراعية وأشجارهم وبشكل خاص أشجار الزيتون، بهدف الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية. فخلال العام 2022، شهد الفلسطينيون على اقتلاع واحتراق وتخريب أشجارهم ونهب ثمارها بشكل متعمد. ويقوم المستوطنون عادة باستهداف الأشجار المثمرة، وخاصة الزيتون بدافع إلحاق أكبر خسارة ممكنة بالمزارعين الفلسطينيين، أما جيش الاحتلال الاسرائيلي فيبرر اقتلاعه للأشجار الفلسطينية بأنها مخالفة للقوانين العنصرية الاسرائيلية (وفق التشريعات الإسرائيلية) التي أصدرتها دولة الاحتلال عقب احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967، والتي سيطرت من خلالها وبصورة غير قانونية واحادية الجانب على الأراضي الفلسطينية منها الإعلان علن الأراضي الفلسطينية بانها "أراضي دولة"، أو "محميات طبيعية"، أو "مناطق اطلاق نار" أو "مناطق عسكرية مغلقة"، أو استملكتها لأغراض المنفعة العامة، أو صنفتها على انها أملاك غائبين وغيرها من المسميات الزائفة التي تتذرع بها حتى يومنا، لتتمكن من السيطرة على الأراضي الفلسطينية.
وفي متابعة ميدانية نفذها معهد الابحاث التطبيقية – القدس (أريج) للانتهاكات الإسرائيلية بحق الأشجار الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، تبین انه خلال العام 2022، تم اقتلاع، وتجريف ومصادرة أو حرق ما يزيد عن 12,500 شجرة مثمرة كان معظمها في محافظات سلفيت ونابلس والخليل ورام الله وبيت لحم. وكان لهذا الانتهاك الإسرائيلي أثر كبیر وواضح على القطاع الزراعي، وخصوصا أن معظم الاشجار التي تم اقتلاعها أو تعرضت للتخريب هي من أشجار الزیتون بنسبة 85%، والتي تشكل مصدر دخل أساسي للعديد من العائلات الفلسطينية.
27 امر مصادرة واخلاء
ولفت التقرير انه منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967، استخدمت اسرائيل ألية قانونية وبيروقراطية معقدة تخطت إجراءات العدالة الطبيعية للسيطرة على جزء كبير من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية. وكانت هذه الاراضي قد استُخدمت فيما بعد لبناء المستوطنات الاسرائيلية واقامة البؤر الاستيطانية والقواعد العسكرية وشق الطرق الالتفافية وتكريس مساحات اخرى لتوسيع هذه المستوطنات في المستقبل.
وكانت الأداة الرئيسية التي استخدمتها اسرائيل للسيطرة على الأراضي الفلسطينية هي الاوامر العسكرية العنصرية لمصادرة الاراضي منها لأغراض عسكرية، واخرى إعلان الأراضي "أملاك غائبين"، واخرى لمصادرة الأراضي لتلبية احتياجات العامة واعلان اخرى محميات وحدائق طبيعية وغيرها من الاوامر العنصرية التي استندت كل منها إلى أسس قانونية مختلفة.
وتجدر الاشارة الى انه في معظم الحالات، لم يكن السكان الفلسطينيين على دراية بأن أراضيهم يتم أو تم مصادرتها، وبحلول الوقت الذي ظهر فيه هذا التلاعب، كان الأوان قد فات للطعن فيه واسترجاع الاراضي او حتى الخوض في الامور القانونية لإنقاذها. وخلال العام 2022، شهدت المحافظات الفلسطينية استهدافا شرسا وممنهجا لأراضيها من خلال الأوامر العسكرية التي أصدرتها سلطات الاحتلال، لمصادرة ما يزيد عن 29,000 دونم من الأراضي الفلسطينية للأغراض لاستيطانية المختلفة.
وشملت الأوامر العسكرية الاحتلالية خلال العام 2022، مصادرة مساحات من أراضي قرى صفا، ومجدل بني فاضل، ومساحات واسعة من أراضي محافظة اريحا، ومحافظة نابلس، وبلدة الزعيم في القدس، ومسافر يطا وقرية التوانه، وكفر مالك، وقرى قريوت والساوية، وخربة النبي إسماعيل – بورين /كفر قليل في محافظتي نابلس وسلفيت، وقرى بديا وعقربا وكفر الديك في محافظة سلفيت، وجيوس/ فلامية في محافظة قلقيلية. وقرية البويرة شرق مدينة الخليل .
كما أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي 11 امر اخلاء خلال العام 2022، من اراضي بلدة كفر الديك، وقرية الركيز وخلة الضبع في مسافر يطا، ومنطقة الجبعة في بيت لحم، وقرية حجة، وجبل السنداس في جنوب الخليل، ومنطقة الطيبة والهردش من أراضي بلدة ترقوميا، وفي قرية واد فوكين، ومنطقة بيرين جنوب الخليل، ومعظم هذه الأراضي زراعية.