الشريط الاخباري

زلزال فلسطيني يضرب الأمم المتحدة بقلم: سمير عباهرة

نشر بتاريخ: 26-09-2022 | أفكار
News Main Image

بقلم: سمير عباهرة

كشف الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه الذي القاه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها السابعة والسبعين في نيويورك عن عمق ازمة الديمقراطية وحقوق الانسان وما يسمى بالقانون الدولي كما انه كشف عن عمق ازمة الشرق الاوسط التي تخضع لهذه المتغيرات التي تجيرها قوى الغرب وفق مصالحهم فعندما يتعلق الامر بمصالح الغرب فان كافة الامكانيات السياسية والعسكرية والاقتصادية يتم تسخيرها لتحقيق هذه المصالح بل وهناك من يذهب الى ما هو ابعد من ذلك من حيث فرض القوانين الجائرة التي تتنافى مع القانون الدولي والقضية الفلسطينية لا تخلو من وجه شبه عندما تتقاطع مصالح الغرب في التنكر لقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية وفي استمرار دعم الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية والتحلل من التزاماتهم التي قطعوها على انفسهم بضرورة ايجاد تسوية عادلة للصراع الفلسطيني الاسرائيلي تمكن الفلسطينيين من اقامة دولتهم. وفي هذا السياق كشف الرئيس الفلسطيني عن ازدواجية المعايير المتبعة في السياسة الدولية بعدم تطبيق قرارات مجلس الامن سواسية على الدول كافة وان هناك دولا لم تطبق قرارات مجلس الامن ولم يتخذ أي اجراء بحقها في حين استخدمت القوة في اماكن اخرى لتطبيق قرارات مجلس الامن.

وتأتي اهمية خطاب الرئيس الفلسطيني بأنه كشف عن الكثير من الجوانب المحيطة بالقضية الفلسطينية ووضع النقاط على الحروف عندما اشار بالاسم لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل وتحميلهم مسئولية الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني بل وركز على ان القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية المتبعة هي مفاهيم ذات طابع استعراضي فهناك يجري تطبيقها بالقوة وهنا يمنع تطبيقها بالقوة وهذه المعايير اعطت الضوء الاخضر لإسرائيل للاستمرار في عربدتها محمية بشرعية الولايات المتحدة ودول الغرب الامر الذي زاد من صلف اسرائيل واستمرارها في فرض سياسة الامر الواقع حيث تعاملت مع اتفاق اوسلو باعتباره مدخلا لتقويض المشروع الوطني الفلسطيني ووضعت العراقيل امام أي تقدم من شأنه احداث انفراج في طبيعة الصراع على الاقل لكن حسابات الاسرائيليين كانت تختلف عن الحسابات الاخرى وكان هدف اسرائيل جراء دخول مفاوضات مع الفلسطينيين هو ادارة الصراع وكسب مزيد من الوقت للسيطرة على الاراضي الفلسطينية وإقامة المستوطنات عليها.وانتظر الفلسطينيون تحريك ملف عملية السلام منذ ان توقفت المفاوضات الاخيرة لكن انشغال العالم بملفات اخرى ترك القضية الفلسطينية دون اهتمام حتى من قبل تلك الدول التي ترعى عملية السلام، وبدا ان اسرائيل هي المستفيد الوحيد من الوضع الراهن وفي اكثر من جهة حيث ان تراجع الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية يعتبر مكسبا لإسرائيل باكتسابها مساحة من الوقت وتفرغها لفرض نفسها لاعبا رئيسيا في صراعات المنطقة من خلال مفهوم محاربة الارهاب ومحاولة نسج خيوط وعلاقات اقليمية لتجميل وجهها.

خطاب الرئيس الفلسطيني احدث زلزالا في الامم المتحدة وأرسل رسالة قوية وواضحة للولايات المتحدة وأوروبا والعالم اجمع بان القضية الفلسطينية لا يمكن النزول بها وفق الاجندة الامريكية والأوروبية المتناغمة مع الموقف الاسرائيلي وان المواقف السياسية الغربية تجاه الفلسطينيين يجب ألا تبقى في اطار المواقف التسويقية. فإذا كانت مواقف الولايات المتحدة وأوروبا قد أقرت بأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لا يمكن حله إلا عبر المفاوضات، ومن خلال حل الدولتين الذي يقوم على حدود عام 1967 فان هذه المواقف يجب ان تنتقل من مرحلة الاقوال الى مرحلة الافعال.
وحمل الرئيس الفلسطيني الجانب الامريكي المسئولية التامة عما آلت اليه الامور ووجه انتقادا حادا للولايات المتحدة بصفتها راعي عملية السلام بل هي من اطلقت عملية السلام ووعدت بتسوية عادلة للصراع تقوم على اعطاء الفلسطينيين حقوقهم حيث تولد هناك اعتقاد بان الولايات المتحدة ليست جادة وليست معنية بإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بل تعمل على تحويله وإدخال عنصر جديدة مؤثرة عليه وربما تكون هذه العناصر مجموعة من شروط تعجيزية ترفضها القيادة الفلسطينية وبالتالي تفشل المفاوضات وهذا ما تسعى اليه اسرائيل التي امعنت في ارتكاب جرائمها بحق الشعب الفلسطيني والعمل على تقويض حل الدولتين وتدمير حدود عام1967 وتحويله إلى واقع الدولة الواحدة بنظام الأبارتهايد فالتوثيق حاضرا بقوة في كافة انتهاكات اسرائيل واعتداءاتها لكن موازين القوى الدولية هي المعيار الذي اصبح يحكم المواقف السياسية وهذا لا يخدم الأمن والاستقرار في المنطقة والإقليم.

الرئيس الفلسطيني وضع الكرة في الملعب الامريكي والأوروبي عندما اثار بوجه الاستغراب عن عدم اعتراف كل من الولايات المتحدة وأوروبا بالدولة فلسطينية لغاية الان حيث ان هذا الاعتراف من المؤكد انه سيشكل ضغطا على اسرائيل ويكون بداية انهاء الصراع وفي هذا السياق يجب التركيز على دور بريطانيا والمسئولة عن نكبة الشعب الفلسطيني بأنها هي من يجب ان تمتلك زمام المبادرة وتعترف بالدولة الفلسطينية وتمارس ضغوطها على اسرائيل بالانسحاب الكامل من الاراضي المحتلة عام 1967 وإلا فان الخيارات امام الفلسطينيين لا زالت مفتوحة بالعودة الى المربع الاول وانسحاب الفلسطينيين من عملية السلام وسحب اعترافهم بدولة اسرائيل وترك الامور الى ما تؤول اليه وعندها فليتحمل المجتمع الدولي مسئولياته وتحديدا الولايات المتحدة.
 

شارك هذا الخبر!