ما هو المطلوب من قمة الجزائر بقلم سمير عباهره
يأتي انعقاد القمة العربية الحادية والثلاثين في العاصمة الجزائرية في ظروف استثنائية تشهدها الساحة السياسية الدولية ووسط تحولات وتغيرات متسارعة يشهدها العالم نتيجة الحرب الروسية – الاطلسية وما نتج عنها من تغيرات على طبيعة التحالفات والتكتلات ادت في مجملها الى اختلال المعادلة الدولية وتصدع نظام القطب الواحد وتراجع الهيمنة الامريكية على دول كثيرة من العالم وفقدان الولايات المتحدة التي تتزعم النظام العالمي بعض اوراق الضغط على دول اخرى.
وعربيا يأتي انعقاد القمة وسط ظروف صعبة وقاسية من الخلافات والانقسامات بعد ان شهدت العلاقات العربية – العربية تصدعا وتصاعدت حدة الخلافات بعد تطبيع عددا من الدول العربية مع اسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة معها مما ادى الى تحطيم النظام العربي وإضعافه ووقوفه عاجزا عن القيام بدوره على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية بل شهدت هذه الفترة انهيار بعض النظم العربية وخروج القضية الفلسطينية من عمقها العربي الذي وقف عاجزا عن توفير ادنى مقومات الصمود والدعم للشعب الفلسطيني وصاحب ذلك انهيار المنظومة العربية بشكل كامل.
هذه المرحلة هي من اكثر المراحل سخونة وحساسية يمر بها العالم وتشبه في حيثياتها مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية عندما تشكلت الخارطة السياسية الدولية وأدى الى بروز قوى عظمى وانقسام العالم الى قطبين شرقي بزعامة الاتحاد السوفياتي انذاك وغربي بزعامة الولايات المتحدة وانضواء الكثير من دول العالم تحت مظلة هذا القطب او ذاك حيث شهدت تلك المرحلة ظهور الحرب الباردة بين المعسكرين حتى انهيار الاتحاد السوفياتي وأصبحت الولايات المتحدة تتسيد مقاليد السياسة الدولية.
وبالتأكيد فان هذه المرحلة ولدت في ظروف متشابه لتلك المرحلة السابقة والتي سيكون عنوانها الابرز ظهور تكتلات وتحالفات جديدة وبروز اقطاب سياسية متعددة وهنا بات المطلوب من القمة العربية استغلال الظروف الدولية وسياسة الاستقطاب بما يخدم الامة العربية والخروج بنتائج تحتم علينا توجيه البوصلة باتجاه المصالح العربية وإعادة وحدة الصف العربي ويجب ان تختلف مخرجات هذه القمة عن سابقاتها من القمم التي غلب على مضامينها طابع الروتين والعشوائية وازدياد الخلافات وإضعاف الجبهة الداخلية العربية مما تسبب في انهيار النظام العربي الرسمي.
دول وشعوب كثيرة تبحث عن كينونتها وعناوينها في هذه المرحلة وتعمل على ترسيخ وجودها وحضورها على الخريطة السياسية الدولية والأمة العربية تتوفر لها كل المقومات لفرض حضور قوي ايضا حيث باتت الكثير من الخطوط السياسية الدولية واضحة ويجب الامساك بها. هذه القمة هي فرصة لإعادة ابراز وتشكيل الشخصية العربية القادرة على الحفاظ على الارث العربي وإعادة اللحمة الى تكتل عربي يكون قادرا على فرض حضوره الدولي حيث باتت الفرصة مواتية للعرب للعودة الى الوحدة في ظل تصدع النظام الدولي وتراجع الهيمنة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط حيث فرضت الحرب في اوروبا الشرقية تحرر بعض الانظمة العربية من التبعية وهذا يولد انطباعا بالرغبة في التغيير ومواجهة التحديات وتسوية الخلافات العربية في ظل التدخلات الخارجية والتداخلات في طبيعة العلاقات العربية – العربية ويعطي ابضا نوعا من الاستقلال في القرار السياسي الذي كان مصادرا لعقود طويلة من الزمن كما انه من الملاحظ تراجع اهمية اسرائيل دوليا في الوقت الذي تعيش فيه اسرائيل هاجس نهاية النظام.
الدولي احادي القطب الذي تتزعمه الولايات المتحدة والذي يوفر لها غطاء لكافة جرائمها وتتخوف اسرائيل من بروز تكتلات وتحالفات تستطيع تشكيل نظام متعدد الاقطاب يكون للعرب دور فيه وهو ما يدفع الى اعادة فتح ملف الصراع وهذه المرة لصالح الفلسطينيين وحشر اسرائيل في الزاوية وإرغامها على الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية فالدخول في تحالفات جديدة مع الكتل التي تشهد بروزا على الساحة الدولية والإمساك بالقضية الفلسطينية وعدم التنازل عنها وإعادتها الى واجهة الاحداث السياسية العربية ومن ثم الانتقال بها الى واجهة الاحداث السياسية الدولية سيعيد القوة والهيبة للنظام العربي.